الحد الأدنى للأجور بين التحديد القانوني والدستور
من مفارقات السياسة الاقتصادية في سورية هو وضع سقوف للأجور والرواتب في مقابل تحرير الأسعار ورفع الدعم وبعكس ما ينص عليه الدستور الذي ربط في المادة الأربعين منه الحد الأدنى للأجور والرواتب بمستوى الأسعار وبما يضمن تأمين المتطلبات المعيشية وتغيّرها.
الحد الأدنى للأجور والرواتب
والحد الأدنى للأجور والرواتب في القطاع الخاص وبعد رفعها منذ فترة 92700 ليرة سورية فقط لا غير في حين تحتاج الأسرة اليوم إلى ما يقارب مليوني ليرة سورية لتؤمن احتياجاتها الأساسية فقط من غذاء وصحة وتعليم وسكن وتعتبر وزارة العمل وكافة مؤسسات الدولة التي لها علاقة بتنظيم علاقات العمل ومنها للأسف الاتحاد العام لنقابات العمال والقضاء، أنّ هذا التحديد القانوني للحد الأدنى للأجور والرواتب أهم من النص الدستوري المذكور أعلاه، وتعتبر هذه الجهات أن أية مطالبات عمّالية تتضمن المطالبة بزيادة الأجور فوق هذا الحد غير قانونية وغير شرعية طالما أن رب العمل التزم بالحد الأدنى للأجور الذي حددته الحكومة وليس هناك ما يجبره على زيادتها مهما كانت تكاليف المعيشة.
ويعتبر أن أية زيادة للعمال فوق الحد الأدنى هي عطاء ومنة من رب العمل يستطيع التراجع عنها متى أراد لأنه لا شيء قانونياً يلزمه بها، تماماً كالتعويض المعيشي الذي يعطى للعامل أضعافاً عن الحد الأدنى للأجور والرواتب ولكن لا يتم احتسابه من الراتب المقطوع وبالتالي تأمينات العامل وحقوقه ومطالبته يجب أن تدور في حدود الحد الأدنى للأجور والرواتب فقط.
لا حق للعامل بالمطالبة أكثر من الحد الأدنى
وقد حصلت عدة إضرابات في عدة معامل للمطالبة بزيادة الأجور والرواتب بسبب غلاء المعيشة، وكان الرد على هذه المطالب من قبل وزارة العمل أنه طالما التزم رب العمل بالحد الأدنى للأجور والرواتب فلا تثريب عليه، ولا يمكن إجباره على إعطاء زيادة عنها، متناسين النص الدستوري الذي يعتبر أقوى من التحديد القانوني للحكومة للأجور والرواتب وعلى أساسه يجب أن تحتسب الأجور، وأن هذا التحديد بحد ذاته غير قانوني لعدم مراعاته نصوص الدستور في حساب الأجور والرواتب فعلى أي أساس يتم إقراره وإلزام العامل به؟
وإذا كان أرباب العمل على أرض الواقع ولعلمهم السابق أنه ليس هناك عامل يقبل بالعمل بالحد الأدنى للأجور لذلك يعطون عمالهم تعويض معيشة يعادل أضعاف الحد الأدنى فما الذي يمنع الحكومة من رفعه إلى مستويات مقبولة لرفع تعويضات العمال وإلزام أرباب العمل فيه، خاصة أن ذلك يعود بالفائدة على العامل ويرفع شيئاً من الظلم عنه وترتفع بذلك إيرادات مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
واليوم وبعد البدء بسياسة رفع الدعم والتي ستستكمل لتصل إلى رفع الدعم نهائياً عن جميع المواطنين كيف ستقوم الحكومة بتعويض أصحاب الأجور وخاصة أن الدعم كان تعويضاً عن تشوه العلاقة بين الأجور ومستوى المعيشة فهل ستقوم الحكومة برفع الأجور والرواتب بما يتناسب مع مستوى المعيشة بعد رفع الدعم؟
اللجنة الوطنية للأجور
فكيف يتم تحرير الأسعار ورفع الدعم عن العامل في مقابل أن تخضع الأجور والرواتب للتحديد القانوني وتضع سقوفاً لها لا يجوز تجاوزها سواء كان هذا في القطاع الخاص أم العام، ولماذا لم تجتمع اللجنة الوطنية لتحديد الأجور والرواتب التي نص عليها قانون العمل فمنذ إقراره عام 2010 وحتى اليوم لم تجتمع هذه اللجنة ولو لمرة واحدة، وبقيت حتى هذه اللحظة معطلة ومهمتها الأساسية دراسة الأجور والرواتب كل عام وتعديلها بما يتوافق مع تغير مستوى المعيشة، ورغم التآكل الذي أصاب الأجور خلال عشر سنوات من عمر الأزمة وانخفاض القيمة الشرائية للعملة وما رافقها من ارتفاع الأسعار لم تر هذه اللجنة النور بعد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1081