سياسات أوصلتنا إلى الجوع
تاريخ 2/2/2022 لن يكون كما قبله في حياة الشعب السوري وربما سيذكره السوريون أكثر من تاريخ انفجار الأزمة عام 2011على الأقل لأنه يوحدهم في صف واحد في مقاومة الجوع، فبعد رفع الدعم ليس كما قبله فإذا كان قبل رفع الدعم وحسب إحصائيات الأمم المتحدة 90% من السوريين دون خط الفقر و12 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي فكيف ستكون النتائج بعد رفعه؟؟ وهل الموت جوعاً سيكون مصير السوريين؟
سياسة مستمرة
بدأت الحكومات السورية السير بالسياسات الليبرالية الاقتصادية وتطبيق وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين منذ عام 2005 وخلال العقدين الماضيين توجهت السياسات نحو خصخصة معامل القطاع العام تحت غطاء إعادة الهيكلة والإصلاح بحجة أنها خاسرة (وهي بالواقع مخسرة وليست خاسرة وكان المطلوب مكافحة الفساد وتقديم الدعم لهذه المعامل) وانتقل ثقل العملية الإنتاجية من القطاع العام إلى القطاع الخاص بعدما كان هذا القطاع هو الرائد في الحياة الاقتصادية خلال العقود السابقة وبهذا تقلصت مساهمة القطاع العام في الإنتاج إلى أدنى مستوياته، وضرب الإنتاج بشقيه الزراعي والصناعي حيث ارتفعت معدلات البطالة والفقر وانخفضت معدلات النمو وتراجعت القوة الشرائية للرواتب والأجور، وتوجّه القطاع الخاص نحو قطاع الخدمات والأموال والفنادق، ولم يتم افتتاح أي مشروع أو معمل حكومي أو خاص جديد رغم الحديث الحكومي المتكرر عن دعم الإنتاج وعن عدم التخلي وخصخصة القطاع العام لتأتي سياسات الحكومة على أرض الواقع وليكون خلاف كلامها وحديثها المستمر عن أهمية القطاع العام ودوره، وكل ما في الأمر أن قوى الفساد كانت تنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض على دور جهاز الدولة الاقتصادي.
إطلاق رصاصة الرحمة
وبعد إتمام عملية إبعاد القطاع العام وإنهاء دوره في الحياة الاقتصادية خلال السنوات السابقة حان الآن إنهاء دوره الرئيسي في المجتمع، وهو عملية إعادة توزيع الثروة، وهذه المرة تستخدم ذريعة الأزمة وما سببته من قلة الموارد وعجز الميزانية، ليتم رفع الدعم عن المواطن (دون الاقتراب من أموال الفساد أو المساس بمصالح قوى الفساد كالعادة) وعملياً بدأ التخطيط لهذه اللحظة فعلياً منذ عام 2005 كما ذكرنا أعلاه، واليوم تستكمل هذه العملية عبر إنهاء دور جهاز الدولة الاجتماعي حيث بدأ اليوم وبشكل تدريجي ليتم بعد وقت قصير رفع الدعم نهائياً عن جميع فئات المجتمع وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار وفي مستويات الفقر وانتشار الجوع.
هل ستكتفي السلطة بهذه الإجراءات
وبدأ الحديث اليوم عن تكلفة دعم الدولة للتعليم بكافة مراحله وللصحة وهو ما يمهد لرفع الدعم (كما تبين تجاربنا السابقة مع الحكومة) عن هذين القطاعين الهامين في الدولة ليجري عملياً إنهاء أي دور اجتماعي لجهاز الدولة في حياة السوريين لتصبح حياتهم ومعيشتهم رهناً بمصالح قوى رأس المال وقوى الفساد التي ستصبح هي المتحكمة بمفاصل الاقتصاد بعد تصفية دور جهاز الدولة الاجتماعي، وقوى الفساد ومن خلال تطبيق الليبرالية الاقتصادية وتصفية جهاز الدولة تسابق الزمن قبل الانتقال إلى مرحلة تنفيذ الحل السياسي لكي تهيّئ الأرضية المناسبة لها كي تكون مالكة للثروة والمتحكمة بالاقتصاد، وبالتالي تحافظ على سطوتها ونفوذها السياسي وتمنع أية عملية تغيير من أن تمس بمصالحها.
هل يوجد حل؟؟
ولكن كيف علينا مواجهة هذه السياسات وهل هناك حل ؟؟ أكثر المتفائلين يناشد السلطة للعودة عن قرارها ولكن تجارب الشعوب تؤكد بأن الحقوق تنتزع ولا تعطى، والشعب قادر على خوض المعركة مع قوى الفساد والانتصار عليها وإنجاز التغيير الحقيقي الجذري والشامل من خلال العمل السياسي الواعي لتنظيم صفوف الفقراء وتوحيد قواهم والدفع باتجاه التغيير الحقيقي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1056