الإضراب وإرهاب العمّال
نص الدستور في المادة الرابعة والأربعين على حق الإضراب للطبقة العاملة وهو الحق الذي نجحت القوى الوطنية في إدراجه في الدستور عام 2012 الذي جاء لمعالجة أسباب انفجار الازمة السورية عام 2011.
موقف النقابات ووزارة العمل
وقد وجد العمال أنفسهم مضطرين لاستخدام حق الإضراب بوجه أرباب العمل للدفاع عن حقوقهم المشروعة بعدما تدهورت أوضاعهم المعيشية، و بعدما اتخذت النقابات موقفاً متقاعساً في الدفاع عن حقوقهم أو اتخاذها موقفاً حيادياً بين أرباب العمل والعمال في أحسن الأحوال.
مديرية العمل هي الأخرى وقفت ضد مصلحة العمال ومنعتهم من استخدام حق الإضراب الدستوري واتخذت موقفاً متخاذلاً مع أرباب العمل حيث عدت في أحد قراراتها أن الإضراب عمل تخريبي ويندرج تحت بند المادة 64 من قانون العمل التي تجيز لرب العمل إنهاء عقد العمل بإرادته المنفردة دون إنذار أو تعويض وهو ما تسبب في تسريح مئات العمال بناء على هذا القرار الغير دستوري والتعسفي والذي تتحمل مديرية العمل مسؤولية فصلهم.
ورغم عدم اعتراف نقابات العمال ووزارة العمل في حق الإضراب المنصوص عليه في الدستور إلّا أن هذا لم يؤثر على عزيمة العمال بل على العكس من ذلك فقد حصلت ومازالت تحصل العديد من الإضرابات وقد استطاع العمال انتزاع بعض الحقوق وخاصة فيما يتعلق بزيادة أجورهم.
طريقة تعاطي أرباب العمل
ولكن المشترك بين هذه الإضرابات هي وقوف رب العمل بوجه العمال (هذا طبيعي) ولكن استخدام أساليب الإهانات الشخصية والترهيب (تشبيح على العمال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى) حتى وصل البعض منهم إلى طلب من الشرطة توقيف العمال وإلزامهم بتوقيع تعهدات غير قانونية بعدم التوجه للإضراب مرة أخرى، ورغم أن كل هذه الأساليب كانت تفشل في ثني العمال عن المطالبة بحقوقهم ولكن هذا يدل على منطق وطريقة تعاطي أرباب العمل مع العمال والتعامل المتعالي معهم ورفضهم إجراء أي حوار جدي وندي مع العمال للوصول إلى حلول وسط ترضي الجميع وتحافظ على العملية الإنتاجية.
ووصلت بعض الحالات إلى استقدام القوى الأمنية لتخويف العمال وإلقاء القبض عليهم وهذا الأسلوب في التعامل مع الإضراب يعبّر عن مدى تعنّت أرباب العمل واستخدامهم أساليب ملتوية تقوم على إرهاب العمال من جهة وفصل بعضهم من عملهم من جهة أخرى لإخافة البقية من العمال وأنّ من سيطالب بحقوقه سيلقى المصير نفسه من الطرد وقطع مصدر رزقه.
ومع كل ذلك فالواقع أقوى من الجميع والاستغلال والضغط على الطبقة العاملة وصل إلى مستويات قياسية ولم يتوقف العمال ولن يتوقفوا عن استخدام الإضراب كسلاح لتحصيل حقوقهم وفي كل مرة يتفاجأ أرباب العمل بإضراب جديد يقف في وجههم وفي وجه استغلالهم.
ويعبّر العمال من خلال الإضراب عن مستوىً عالٍ من الوعي والتنظيم فجميع الإضرابات تتم دون تخريب أو أعمال شغب، بل هم على علم تامّ أن هذه المعامل هي مصدر رزقهم ويجب المحافظة عليها وهذا ما يربك أرباب العمل أكثر في التعامل مع الإضراب ويضعهم في حيرة من أمرهم أمام هذا الوعي الطبقي للعمال ويقطع عليهم الطريق بتلفيق تهم التخريب للعمال مما يمكنه من مواجهة العمال أمام الشرطة والقضاء لفعل جنائي قام به العمال وليس لقيامهم بالإضراب من أجل حقوقهم التي يرفض أرباب العمل الاعتراف بها كحق شرعي وقانوني لا بدّ للعمال من الحصول عليه وهذا هو مسعى العمال من استخدامهم لحق الإضراب الذي يمنع عنهم بأمر القوة والترهيب بالتسريح وفقدان الحقوق التي نص عليها القانون وأكدها الدستور.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1047