الأسبوع السّاخن أمريكياً
يصنع العمال الأمريكيون واحدة من أكبر موجات الإضرابات العمالية في التاريخ الأمريكي. حيث انفجر الغضب العمّالي من أجل أجور أعلى وشروط عمل أفضل.
تقديرات الموجة الحالية
كتبت جريدة ميتشيغان ديلي يوم 4 تشرين الثاني: لقد طال انتظار موجة الإضرابات الحالية. إذ شهدت الولايات المتحدة واحدة من أكبر موجات الإضرابات العمالية في تاريخها بمشاركة آلاف العمال في مختلف الصناعات. ومن أبرز مطالب العمال الحصول على أجور أفضل.
بالكاد عرف العمال الأمريكيون زيادات في الأجور خلال العقود الماضية وهو السبب الرئيسي لهذه الموجة من الإضرابات. ففي العام 1980 كان الحد الأدنى للأجور 3,10 دولارات، وارتفع ببطء ليصبح 7,25 دولارات للساعة عام 2009 وبقي الحد الأدنى للأجور راكداً منذ تلك الفترة بينما انخفضت القيمة الشرائية للأجور بنسبة 30% خلال العقود الأربعة الماضية بسبب زيادة تكاليف السكن والرعاية الصحية والتعليم والخدمات الحيوية. حيث ازدادت أجور الرعاية الصحية عشرة أضعاف، وارتفع متوسط تكلفة إيجار السكن 500% منذ عام 1980 حسب جريدة ميتشغان ديلي. وكل ذلك جعل الحد الأدنى للأجور غير صالح للعيش بالنسبة للعمال. وبقي متوسط القوة الشرائية لمعظم العمال الأمريكيين راكداً عملياً خلال الخمسين عاماً الماضية.
بالنظر إلى الكيفية التي تم بها التعامل مع الأجور الأمريكية في التاريخ الحديث، فإن غضب العمال أصبح واسع الانتشار عند زيادات أجور المدراء. فزيادة أجور مدراء جوندير دير بنسبة 160% أطلق شرارة الإضراب المستمر حتى هذه اللحظة. وارتفع متوسط أجور المدراء والرؤساء التنفيذيين منذ عام 1978 في أكثر من 350 شركة كبرى بنسبة مذهلة بلغت 1322% وهذا يعني أن أجور هؤلاء قد تضاعفت خلال أربعة عقود بينما شهدت انخفاضات صافية في الأجور. وهناك أيضاً قضية البطالة حيث فقد الملايين وظائفهم خلال العاميين الماضيين.
ونشرت جريدة واشنطن بوست مخططاً بيانياً للحركة الإضرابية للعمال الأمريكيين خلال 100 عام. وقالت الجريدة إن الموجة الحالية قد سبقها عدة موجات مثل إضراب 400 ألف معلم في الولايات المتحدة عام 2018 وحركة الـ 15 دولاراً للساعة الواحدة نهاية عام 2018 التي شملت نصف الولايات الأمريكية. ونشرت الجريدة مخططاً لأكبر موجات الإضرابات العمالية الأمريكية خلال 100 عام حيث شارك أكثر من 3 ملايين عامل في الموجة التي ترافقت مع بدء الكساد العظيم. ووصل الرقم إلى 4,5 ملايين عامل في الأربعينات والخمسينات و3,5 ملايين عامل في الستينات والسبعينات لتبدأ الحركة بالانخفاض لما بعد العام 2000.
حصيلة إضرابات الاسبوع
عرف شهر أكتوبر الماضي باسم سترايكتوبر بسبب موجة الإضرابات العمالية. وحسب «بلومبيرغ» فقد شارك أكثر من 450 ألف عامل في المفاوضات الضاغطة لزيادة أجور العمال. وأضرب عشرات الآلاف الآخرين حسب مجلة التايم. وكان يبدو أن الموجة المستمرة في تشرين الثاني أكثر سخونة.
حيث أضرب عن العمل أكثر من 4000 من عمال سلسلة فنادق ماريوت في بوسطن وشمال كاليفورنيا وسان فرانسيسكو من أجل زيادة الأجور. وجدد 10 آلاف من عمال جوندير إضرابهم بعد رفضهم لشكل العقود المقدم من الشركة. ووصلت احتجاجات عمال المناجم من آلاباما إلى نيويورك.
وكتبت نيويورك ماغازين بعنوان «ثاني أكبر إضراب في أمريكا يحدث في نيويورك» في إشارة إلى إضراب الطلاب العمال في جامعة كولومبيا يوم 3 تشرين الثاني. وجاء إضرابهم لدعم الإضرابات العمالية الأخرى ومن أجل الحصول على عقود عمل أفضل في المستقبل. وقبلهم بأسبوع، أضرب العمال الطلاب في جامعة هارفرد. ويستعد 19 ألفاً من الطلاب العمال في كاليفورنيا من أجل التفاوض على عقود عمل جديدة، والإضراب عن العمل في حال لم يصل التفاوض إلى نتيجة. كما تأسست نقابات للعمال الطلاب في المدارس والجامعات الأمريكية وأضرب 3000 من معلمي وباحثي جامعة كولومبيا.
وأضرب الآلاف من عمال الوجبات السريعة في كاليفورنيا ولوس انجلوس. وقد سبق ذلك بأسبوع، إضراب كبير على مستوى الولايات المتحدة لعمال الوجبات السريعة في ماكدونالدز وعمال ستاربكس من أجل 15 دولاراً للساعة الواحدة. وشارك في هذه الموجة من الإضرابات عمال الاتصالات في أمريكا وعمال المشافي في نيويورك وعمال الصلب والفولاذ في فرجينيا الغربية وعمال مستودعات أمازون المنظمين في نقابة عمال أمازون وعمال التبغ والمخابز والحلويات ومطاحن الحبوب في خمس ولايات وعمال الصرف الصحي في لويزيانا وعمال الشاحنات في عدة مدن وعمال المتاحف ومحطات الوقود وغيرهم.
وسيبدأ 100 ألف من عمال الصحة والتمريض في كاليفورنيا وواشنطن وأوريغون وهاواي وغيرها من الولايات الإضراب يوم 15 تشرين الثاني لتعديل عقود العمل غير العادلة. حسب ميركوري نيوز. بينما دعت نقابة عمل النقل في أمريكا إلى إضراب لعمال المترو بتاريخ 15 تشرين الثاني.
وأكثر ما يلفت النظر بخصوص الحركة العمالية هو دعوة نقابة عمال الاتصالات في أمريكا على موقعها الإلكتروني إلى تحقيق السلطة العمالية. بينما نشرت وسائل إعلام أخرى أن أمريكا تشهد لحظة تشبه الأربعينات، حيث أكثر من ثلث العمال الأمريكيين أصبحوا منظمين في نقابات ويخوضون النضال النقابي المنظم.
ومن الناحية الإعلامية، أصبحت معظم النقابات تملك مواقعها الإلكترونية أو صفحات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار وتنسيق الأعمال. بل إن وسائل الإعلام الكبرى صارت تتحدث عن الإضرابات مثل مجلات وصحف التايم ونيويورك وبلومبيرغ وواشنطن بوست وغيرهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1044