النقابات والعمال

النقابات والعمال

بعد ما نشأت النقابات في البلاد نتيجة نضالات العمال المتعددة، أدركت الحركة النقابية ما هو الصراع الطبقي، وما هو فائض القيمة الذي يتم من خلاله تراكم رأس المال، وتعرفت على مهام النقابات عبر قواها الوطنية وبالأخص منها الشيوعيون، وكان من أوائل الدروس التي اكتسبتها الحركة النقابية أنها جزء من الحركة الوطنية، التي ناضلت ضد كل أشكال الاستعمار لتحقق استقلال البلاد

وكانت في الكثير من الأحيان تشكل عمودها الفقري، كونها غير متذبذبة في مواقفها وواضحة، وهي من أكثر المنظمات الشعبية وضوحاً وجراءة في طرحها وإقدامها، تطورت الحركة النقابية مع تبلور الطبقة العاملة من خلال ظهور قطاعات صناعية وبناء وخدمات مختلفة، ساعد هذا على تنظيم صفوف العمال، إلا أن الخوف من الدور الذي سيكون لاتحاد نقابات العمال وخاصة أن قاعدته الاجتماعية هي الطبقة العاملة الأوسع والأكثر تأثيراً وكلمته مؤثره في صفوف العمال والجماهير عامة. لهذا كان يجب السيطرة عليه من السلطات التنفيذية والحكومات، حيث أبدعت فكرة المحاصصة في تركيبة الهرم النقابي على أن تكون الحصة الأكبر لفئة محددة بغض النظر عن درجة رضا العمال اتجاهها، وتمثيل كافة القوى بغض النظر عن أعداد وجودها بين العمال. بموجب ذلك تدهورت مكانة النقابات العمالية والاجتماعية ولم يعد لها ذلك الدور في صفوف العمال كما كان سابقاً، وبدأت تفقد الطبقة العاملة أثر ذلك حقوقها التشريعية والديمقراطية وخاصة الأجر العادل الذي يحقق كرامة العامل وكرامة أسرته، وأصبح المتحكم في النقابات وسياساتها ليس العمال، بل من يمثلون مصالح السلطة التنفيذية التي همها فتفتة الطبقة العاملة لتسود هي، وحتى تكون الغلبة دوماً لهم في العمل. إن الهبوط الذي يتم بالبراشوت على النقابات وطريقة المحاصصة النقابية التي اعتمدتها السلطة التنفيذية استهدفت ضرب وحدة الطبقة العاملة وحركتها النقابية كما ذكرنا آنفاً، فأين هذه النقابات اليوم من حقوق العمال ومطالبهم المختلفة والعديدة وخاصة المعيشية منها والديمقراطية وغيرها، لهذا على القوى التقدمية والوطنية المعنية بحقوق الطبقة العاملة أن تعيد النظر ببرامجها وفي أدوات نضالها مع الطبقة العاملة.
إن دور النقابات الأساسي أينما وجدت هو الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وحماية حقوقها، وهذا هو المحدد لأهدافها وبرامجها، حسب كل منشأة أو تجمع وظروف عملها، سواء كان قطاع دولة أو قطاع خاص، ومن واجبات النقابات اتجاه العمال الحد من استغلال العمال من قبل الحكومة وأصحاب رؤوس الأموال، التي تعمل دائماً على زيادة أرباحها من خلال خفض أجور العمال وخفض نفقات الخدمات التي يجب تقديمها للعامل. ومنها الأمن الصناعي، الذي يتطلب حماية العامل من حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية المختلفة. وما حوادث وإصابات العمل التي تحدث للعمال إلّا نتيجة فقدان أبسط وسائل الوقاية للعمال، ومثال ذلك في الأسبوع الفائت، حيث تعرض عاملان في شركة الكهرباء إلى إصابة عمل أدت إلى وفاتهما وهما ليسا أول من يتعرضون لمثل هذه الحوادث في هذا القطاع وغيره من القطاعات الإنتاجية والخدمية، لذلك للنقابات مصلحة مباشرة في النهوض بالأمن الصناعي وتطويره والضغط على الحكومة وأصحاب العمل لتنفيذ وتطبيق كافة قواعد الأمن الصناعي في الصحة والسلامة المهنية، لأنه في كافة حالات إصابة العمل القاتلة منها، أو التي تسبب أضراراً مختلفة من عجز وغيرها، العمال هم الوحيدون الخاسرون. لقد كشفت هذه الأزمة الوطنية العميقة واقع التفاوت الاجتماعي والطبقي في البلاد، كما كشفت ترهّل الحركة النقابية وضعفها العام وعدم قدرتها على اتخاذ تلك القرارات الجذرية والعميقة لقضايا العمال وحياتهم المعيشية، وإذا لم تستوعب الحركة النقابية دروس الأزمة من خلال إعادة النظر في أدواتها واستخدام أسلحتها المختلفة بما فيها الإضراب، وتعزيز خياراتها المنحازة إلى مصالح الطبقة العاملة في قطاعي الدولة والخاص على السواء. يصبح من المفروض على الطبقة العاملة إعادة تنظيم نفسها وتوحيد صفوفها كي لا يبقى ميزان القوى الاجتماعي مختلاً لخوض معاركها الكبرى في تحسين شروط وظروف العمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1035
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيلول/سبتمبر 2021 23:50