النقابات واتفاقيات العمل الدولية
نبيل عكام نبيل عكام

النقابات واتفاقيات العمل الدولية

صدرت اتفاقية العمل الدولية رقم /87/ عن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية عام 1948 في سان فرانسسكو، وقد دخلت حيّز التنفيذ في عام 1950 وهي الخاصة بشأن الحريات النقابية وحماية التنظيم. وصادقت عليها سورية، حيث نُشرت المصادقة في الجريدة الرسمية في عدد حزيران عام 1960 وتعتبر هذه الاتفاقية الإطار المرجعي والأساس للحق في التنظيم وحرية التعبير. كما أشار إعلان فيلاديفيا والجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن «حرية التعبير والحرية النقابية» هما شرطان أساسيان لأي تطور أو تقدم. حيث أكدت هذه الاتفاقية على أنه للعمال الحق في تشكيل المنظمات التي يختارونها، أو الانضمام إليها، وذلك دون الحاجة إلى إذن مسبق أو الوصاية من أية جهة كانت، ويحق لهذه المنظمات إعداد النظام الأساس لها والأنظمة الإدارية التي تعمل بموجبها، والحق في انتخاب ممثليها في حرية تامة دون أي تدخل أو وصاية من آية جهة كانت، ويحق لها تنظيم نشاطاتها من مؤتمرات وغيرها، وصياغة برامجها، حيث جاء المادة /3/ فقرة /2/ من هذه الاتفاقية تمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذا الحق، أو يعيق الممارسة المشروعة له.

حقوق النقابات

كما حمت الاتفاقية منظمات العمال النقابية من أن تكون عرضة للحل أو وقف نشاطها من السلطات التنفيذية، وكذلك أتاحت الاتفاقية لمنظمات العمال الحق في تشكيل اتحادات عامة أو أية منظمات ممثلة لها، ولهذه الاتحادات الحق في الانضمام أو الانتماء إلى المنظمات الدولية للعمال. ويجب على دستور البلاد والقوانين النافذة ألّا تمس الضمانات والحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، كما جاء ذلك في الفقرة 2 – من المادة الثامنة في هذه الاتفاقية، وجاء في المادة /11/ من هذه الاتفاقية: يتعهد كل عضو من أعضاء منظمة العمل الدولية تسري عليه أحكام هذه الاتفاقية باتخاذ كل الإجراءات الضرورية والمناسبة لكفالة حرية ممارسة العمال وأصحاب الأعمال لحق التنظيم.

نقابات الدول العربية

إذا نظرنا إلى معظم النقابات في الدول العربية، وبالأخص منها نقاباتنا: نرى ظاهر العمل النقابي يوحي بوجود أجواء من الديمقراطية، ومساحة واسعة مخصصة لحرية التعبير من خلال المؤتمرات النقابية المختلفة وبكافة مستوياتها. غير أن بواطن الأمور تخفي عكس ما هي ظاهرة عليه. فمثلاً: الحق في ممارسة الترشح في هذه المؤتمرات هو حِكر على بعض الأحزاب التي تهيمن في غالبية المجالات، وهي المتحكمة والممسكة بمعظم المفاصل. وكل صوت يغرد خارج الجوقة تتم محاصرته ومنعه والتضييق عليه، وهذا ساهم في كتم الأصوات المعبرة عن معاناة ومشاكل الطبقة العاملة الكادحة، وتجفيف الحركة النقابية من الكوادر والطاقات العمالية النضالية. صحيح القول: إن للحركة النقابية مكاتب نقابية للعمال، ولديها عدد من المفرغين لأجل العمل النقابي، لكنّ الحركة النقابية عموماً في حالة من الجمود والترهل غير المفهوم، وغير المبرر، وخاصة من قبل كوادرها المفصلية، مع أنه هناك مشكلات وقضايا عديدة ومتنوعة، والتي تعرفها الطبقة العاملة، وفي مقدمتها: الأجور غير العادلة التي لا تلبي كرامة عيش العمال وأسرهم وعموم الكادحين، هذا عدا عن الحقوق الأخرى المهضومة من تأمين صحي وأمن صناعي وصحة وسلامة مهنية.

من جانب آخر، نرى أن آليات الدفاع عن هذه الحقوق لا تزال في حالة عطالة شبه دائمة، فقد نجحت القوى المهيمنة على النقابات في إفراغ جل العمل النقابي من مضمونه النضالي والكفاحي، وتحويله إلى هياكل عاجزة عن الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة المفروض أنها تمثلها، مما تسبب في الحد من انتساب العمال إلى هذه النقابات، ونستطيع أن نذكر على سبيل المثال: أنه كان للحركة العمالية عموماً دور كبير في تغيير ملامح التاريخ والدول، وقد قاد العمال ثورات التحرر من الظلم، ووضعوا مبادئ الديمقراطية، والمساواة الحقيقية، واليوم الذين سيبنون هم عمال سورية الكادحون الصابرون بأياديهم، مستقبلهم قريب وسيعرف الناهبون والفاسدون مهما طال الزمن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1006