رفع مستوى الحريات الديمقراطية مطلب عمالي

رفع مستوى الحريات الديمقراطية مطلب عمالي

عملت قوى النهب والفساد في أجهزة الدولة وخارجها خلال المراحل السابقة على الترويج أن نضال النقابات محصور في مشاكل العيش اليومي للعمال فقط، وتقديم بعض الإعانات لبعض العمال أشبه بالجمعيات الخيرية، لكن إذا نظرنا إلى قضايا العيش هذه من الغذاء والسكن والدواء والبطالة والسلامة والصحة المهنية إلخ... من القضايا العمالية، فسوف نرى أن هذه المصاعب الكبيرة والأهوال التي تسحق الطبقة العاملة ما هي إلا نتيجة لتلك السياسات الاقتصادية الليبرالية، التي تنتهجها الحكومات المتتالية تحت مسميات أصبحت معروفة، من اقتصاد السوق الاجتماعي والتحديث والتطوير وما إلى ذلك من يافطات.

ضمن خطة سياسية اقتصادية متكاملة، وضعتها قوى النهب والفساد المرتبطة بقوى الرأسمالية الكبرى من صندوق النقد والبنك الدوليين وغيرها من الدول الرأسمالية الكبرى، وخاصة الغربية منها. وإذا كانت أوضاع العمال قد تحسنت في فترات مؤقتة من ازدهار اقتصاد السوق، فإنه سرعان ما كانت تقوم قوى السوق بالإجهاز على ما انتزعه العمال من حقوق مختلفة، عندما يتعرض هذا الاقتصاد إلى أبسط هزة.

الاصطدام بجهاز الدولة

من المعروف، أن النقابات ليست منظمات لتحسين أوضاع الطبقة العاملة من ظروف وشروط عمل والحد من معاناتها فقط، بل هي جزء من أدوات النضال والكفاح لتحرير الطبقة العاملة، وبالتالي، المجتمع، من خلال القضاء على استعباد رأس المال لهم. وهذا غالباً يصطدم بجهاز الدولة الذي هو أداة بيد الطبقة والقوى السائدة، من فساد ونهب، والتي تعمل على إخضاع العمال والمجتمع عامة. ولكي يستطيع العمال إعادة بناء منظماتهم النقابية المشهود لها بكفاحها ونضالها السابق، ويستحضروا تلك التجارب الكفاحية اللازمة التي خاضتها الطبقة العاملة من أجل السير نحو تحقيق مصالحهم وحقوقهم المختلفة، ومنها المعيشية والتشريعية وتحسين شروط وظروف العمل، لا بد من توفر الحد الأدنى من الحريات الديمقراطية، من حرية التعبير– حرية التنظيم– حق الإضراب– حرية المظاهرات والاعتصامات إلخ... من أشكال التعبير والممارسة التي تحدثنا عنها في أعداد سابقة.

الحريات الديمقراطية والنقابية

إن توفر الحريات الديمقراطية والنقابية يتحقق من خلال معارك ومواجهات حقيقية تجمع عليها الطبقة العاملة، من أجل الحقوق والمطالب المختلفة بين النقابات، وتلك القوى السائدة من نهب وفساد، وكلما كانت هذه المعارك والمواجهات أكثر تنظيماً- آخذةً بعين الاعتبار الشروط اللازمة التي تفرضها موازين القوى السائدة- يزداد الوعي الطبقي العمالي لدى النقابيين والعمال عامة وتزداد صلابة مواقفهم، وبالتالي تصبح الفرصة والقدرة لدى النقابيين والعمال على إعادة بناء تنظيم حركتهم النقابية المستقلة أفضل بناء ممكن وقابل للاستمرار، ويتقدمون في معاركهم نحو حقوق ومصالح العمال الذين يمثلوهم.
لذلك فالنضال من أجل الحريات الديمقراطية هو في جوهر ومقدمة كفاح النقابيين العماليين المناضلين اليوم. وانتزاع هذه الحريات الديمقراطية لا يكون دون قوة يشكل العمال عمودها الفقري، وخاصة أنهم الأكثر تضرراً من انخفاض مستوى الحريات الديمقراطية، وعلى النقابيين أن يضعوا نصب أعينهم مطلب الديمقراطية على رأس مطالبهم.

ارتفاع نسبة البطالة

لقد أثرت الأزمة على قسم كبير من المعامل والمنشآت المختلفة، وازداد عدد العمال المتعطلين عن العمل- في القطاعين المنظم وغير المنظم، بما فيها قطاع الدولة- إلى حد غير مسبوق، مما زاد من ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير، خاصة وسط الشباب، الذين يعملون بلا حقوق، وخاصة في القطاع غير المنظم وبأجور متدنية لا تلبي الحد الأدنى لمستوى المعيشة، مما ينذر بكارثة اجتماعية كبيرة قادمة أسوأ، بالنظر إلى ضخامة الكارثة التي تعيشها الطبقة العاملة والبلاد عامة، إن لم تتصَدّ الحركة النقابية لها بامتلاكها أدوات وأساليب الكفاح، والدفاع عن حقوق ومصالح العمال، حيث الغضب العمالي والشعبي بات أكثر وضوحاً ويرتفع منسوبه، وبات العمال أمام خيارات عدة إما المقاومة، وإما الموت جوعاً، أو الموت من جائحة الكوفيد 19.

معلومات إضافية

العدد رقم:
979
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:59