حصارات متعددة والجوع واحد!
الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية منذ بدء الأزمة، ليست هي الأولى وقد لا تكون الأخيرة، فقد كان لها نصيب مهم في تضييق الخناق على شعبنا من حيث توفر المواد الأساسية التي يحتاجها في غذائه اليومي.
وما كان هذا ليحدث لولا السياسات الانفتاحية التي تمت مع الغرب، ولولا النهج الاقتصادي الليبرالي المتبنى، الأمر الذي أدى إلى ربط الاقتصاد السوري برمته «تقريباً» مع هذه الأسواق، والذي جعل الاقتصاد الوطني يتأثر تأثراً خطيراً بالحصار الجائر المفروض، وبالتالي انعكاسه على قدرة الدولة التي غاب دورها الضروري عن تأمين الحاجات الضرورية للمواطنين من غاز، ومازوت، وغيرها من الحاجات الأخرى، التي أصبح تأمينها يشكل عبئاً مضافاً إلى الأعباء الأخرى التي يعاني منها شعبنا، وخاصةً الفقراء منهم المكتوين بنار الأسعار المتحكم بها من كبار الفاسدين والمحتكرين المسيطرين على الأسواق والمخازين من البضائع، وهذا الفعل الشائن يصب في طاحونة الحصار، ويكمله من حيث النتائج المراد الحصول عليها، ضمن الخطط السياسية الموضوعة غربياً وأمريكياً.
والسؤال الذي يتردد على كل لسان من المكتوين بنار الأزمة، وهو موجه إلى الحكومة التي استنفذت دورها في كسر الحصار المفروض على شعبنا، واستنفذت قدراتها في حل الأزمات المستعصية، وإلى كل القوى الوطنية والشريفة، وما أكثرها في بلادنا: أليس هناك من طريقة نسير عليها لكسر الحصار الشيطاني المفروض علينا؟ أليس من وسيلة لمواجهة المحتكرين وتجّار الأزمات؟ نعم، هناك حلول في كسر الحصارات، وهناك من الدول التي سبقتنا في هذا الأمر، وتجاربها واضحة لمن يريد أن يواجه الحصار، ولكن لا حياة لمن تنادي مع استمرار النهب لقوت الشعب، وتعاظمه الذي أوصل الفقراء إلى حافة الجوع والعوز، وعدم القدرة على تأمين أقل الحاجات ضرورة لهم؟!
الحكومات المتعاقبة تتبنى في بياناتها الوزارية الحد من ارتفاع الأسعار، وتخفيف آثار الأزمة على المواطنين، ولاحقاً قالت: إنها ستضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بقوت الشعب، من خلال قرارات صارمة ستتخذها لهذه الغاية، ولكن المكتوين بنار الأزمة لم يروا طحناً!! بل يشاهدون ويسمعون على وسائل الإعلام جعجعةً ترفع منسوب عدم الثقة المتراكم أصلاً بين الحكومات وفقراء الشعب السوري. وسلوك هذه الحكومات لا ينبأ بحلول حقيقية، بل بالعكس كل القرارات المتخذة تؤزم معيشة الفقراء وتزيد المصاعب عليهم.
إن الحلول المطروحة لتخفيف وطأة الأزمة تصطدم بجدار متين تمثله قوى النهب والفساد، التي لا مصلحة لها في الخروج الآمن من الأزمة، عبر الحل السياسي والحوار «المفترض» البدء به، والذي يُعاق بأشكال مختلفة من القوى المتشددة في كلا الطرفين، وهذا يتطلب من القوى السياسية الوطنية، وفي مقدمتها الحركة النقابية، التحرك في مواجهة الجبهة الأخرى المعتدية على قوت الشعب ومصالحة الحقيقية في الخروج من مستنقع الأزمة الكارثة، التي هي جبهة متراصة الصفوف، مستفيدة من ظروف الأزمة التي جزء منها الحصار والعقوبات الاقتصادية، كي تُمعن في نهبها واحتكارها للقمة الشعب وحقوقه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 978