الأجور في خطر

الأجور في خطر

من تجربتهم اليومية الملموسة تعلم العمال أن وعود والتزامات الحكومة التي تسمعها في المجالس والمؤتمرات النقابية، لم تكن إلا خطاباً لدعم قوى النهب والفساد، وليس لخدمة مصالح وحقوق العمال المعيشية والمهنية، من تأمين قواعد وشروط السلامة والصحة المهنية وغيرها وخاصة الأجور. وإذا كان هناك عمل نقابي فالمهمة العمالية الأساسية اليوم يجب أن تكون وضع الأجور وما آلت إليه من انخفاض وتدنٍ.

تعيش الطبقة العاملة، وكذلك العمال المتقاعدون حربا فظيعة وقذرة تهدد لقمة عيشهم، والذي يأتي في المقدمة منه الهجوم المستمر على الأجور، من خلال زيادة الأسعار على المواد والسلع الضرورية في حياة العباد، تحت ذريعة انخفاض سعر الصرف والحصار والعقوبات المختلفة، والتي منها قانون قيصر، وهي تنذر بحلول كارثة حقيقية قد لا يحمد عقباها في القادم من الأيام.

تفاقم الأزمات الكبرى

إن الحديث عن حجم الأموال المنهوبة والتي ما تزال تنهب وعن حجم الفساد الكبير والسرقات من قبل قوى النهب والفساد ومرتزقتها في أجهزة الدولة وخارجها، أصبح معروفاً لدى جميع العمال والعباد وبات حديث الشارع. إن هذا النهج الاقتصادي الذي سارت عليه الحكومات السابقة وتسير عليه الحكومة بمقدماته ونتائجه، أدى إلى تفاقم الأزمات الكبرى، والتي منها: الفقر وتدني مستوى المعيشة، حيث انعكست هذه الأزمات بشكل واضح على مستوى معيشة الطبقة العاملة السورية بشكل عام، وجعلتهم يئنون تحت وطأة الفقر والحاجة، إن هذا الوضع العام الكارثي الذي تعيشه الطبقة العاملة السورية، التي أوصلتها إليه السياسات الحكومية، حيث تصب ضمن هدف معين واتجاه واحد، وهو إضعاف الاقتصاد الوطني ووضعه تحت رحمة وقيادة قوى النهب والفساد، وإلا ماذا تعني إعاقة الصناعة في القطاع العام والقطاع الخاص عن الإنتاج؟.
إن معالجة الأجور بشكل يتناسب مع تطورات الوضع المعيشي للعمال الآن ضرورة ملحة ومطلباً وطنياً عاجلاً بامتياز، وتتحمل النقابات مسؤولية خاصة تجاه من تمثلهم، وهم المحرومون من حقوقهم وزيادة أجورهم زيادة مجزية متناسبة مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، العمال يواجهون مشكلة كبرى في انهيار الدخل وليس انخفاضه فحسب، وليس للعمال من يدافع عنهم إلا النقابات، فقوانين العمل النافذة لا تنصف العمال وتُحصّل حقوقهم المشروعة التي أقرتها المواثيق الدولية ولحظها الدستور.

تنظيم صفوف الحركة النقابية

إن الطريق الأضمن للحركة النقابية لمواجهة هذا الواقع ومنع القيام بأي إجراء يضر بمصلحة العمال هو: العمل بجدية على تنظيم صفوف الحركة النقابية وعدم تجزئة مطالبها وتنظيمها للضغوط بمختلف أشكالها، من اعتصامات وغيرها وصولاً إلى الإضرابات التي تعطي القدرة للحركة السريعة لوقف عمليات النهب والفساد الكبيرة التي لها أول وليس لها أخر. لذلك لا بد من تغيير استراتيجيات وأساليب مواجهة هذه السياسات الاقتصادية التي لا تلبي إلا مصالح قوى الفساد والنهب المشرعن، بهذه الطريقة غير المؤثرة والبعيدة عن التنظيم والعمل النقابي. ويجب ألاّ تكون هناك مساومة أو مهادنة مع سياسات اقتصادية واجتماعية مسؤولة عن نهب وضياع مليارات الدولارات، وهي المسؤولة عن إنهاء الصناعة والزراعة ومختلف القطاعات الأخرى، حتى أصبحت البلاد رهينة بيد قوى السوق والسوء المعروفة من الجميع، ومتحكما بها من قبل المؤسسات الاقتصادية الرأسمالية الدولية، مثل: صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يفرضان شروطهما في تجميد الأجور وخصخصة مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والخدمات المختلفة، من اتصالات وصحة وتعليم... إلخ. إن التأخر في هذه الحالة وهذا الواقع يعني مزيداً من الإفقار ومزيداً من تسلط قوى الفساد والنهب بمصير الملايين من العمال، الطبقة العاملة هي وحدها المنتجة للخيرات في المجتمع حصراً، وهذه الأجور الهزيلة هي تبديد لوقتها وجهدها وطاقتها وللثروة الوطنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
970
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:06