المُتخمون جوعاً

المُتخمون جوعاً

المشاهد لحركة الناس في هذه الأيام في الشوارع وعلى أبواب المحلات يظن أن الناس بخير، وأنه ليست هناك جائحة ولا يحزنون، 

وهي بهذه التجمعات المنظورة في الأسواق وخاصة الشعبية منها ستلتهم ما في داخل المحلات من بضائع التهاماً من أجل تأمين مستلزمات العيد من ملابس وأشياء أخرى اعتاد على شرائها السوريون بهذه مناسبات، 
ولكن الحقيقة عكس الظن الأولي لهذه الجموع الغفيرة، فهي تنظر بعينها لما هو معروض وتتحسر بقلبها لعدم قدرتها على تأمين حاجات أطفالها وحاجاتها الأساسية فكيف ستستطيع تأمين ذلك والأجور لا تكفي لسد الرمق، والأسعار تلتهم ما في جيوبهم على قلتها بينما المتخمون والحيتان وأبناء النعم المحدثة يلتهمون ما لذ وطاب لهم، بسبب استحواذهم على ما أنتجه غيرهم من ثروة يتنعمون بها، ليصبح من أنتجها بحالة عوز وحاجه، إنه قانون القوي وقانون الغاب الذي يسمح لمن ينتج بألاّ يحصل على ما أنتجه، ومن لا ينتج ويعمل «يأكل البيضة وتقشيرتها» كما يقول المثل الشعبي كناية عن اغتصاب حق الأكثرية من قبل الأقلية المتحكمة بمصيرهم ومستوى معيشتهم.
كل يوم تطالعنا وسائل التواصل والإعلام عن النتائج المترتبة على زيادة الأجور، بعضهم يقول: إن الزيادة لا تصنع تضخماً يلتهمها. والبعض الأخر من المحللين الاقتصاديين يقولون: إن أية زيادة ستصنع تضخماً وترتفع الأسعار، ويصبح ما يحصل عليه الناس وخاصةً العمال من أجور لا قيمة له، ويذهب لجيوب الاحتكار والمتنفذين في الاستيراد وغيرهم. أي: إن الزيادة المطلوبة لا رأي مستقر عليها كما يصرحون، من حيث فائدتها على مستوى معيشة الأغلبية من الناس. وبهذه الحالة عملوا فينا مثل المثل الشعبي: «مقسوم لا تاكل وصحيح لا تقسم وكول لتشبع».
لقد بلغ السيل الزبى، وأصبح وضع الناس من حيث مستوى معيشتهم لا تحسد عليه، فهي لا يعنيها كل ما يطرح حول الزيادة، بل يعنيها شيء واحد وحيد: أن وضعها المعيشي يتدهور باستمرار نتيجة سياسات الناهبين، وهذا الوضع يحتاج إلى حل حقيقي يُعيد لهؤلاء المنهوبين حقوقهم في ثروتهم وجزءاً من هذه الحقوق أن تكون أجورهم تؤمن لهم كرامتهم، والأجور معروفة مصادر زيادتها ورفعها ولا تحتاج لمنظري الاقتصاد ليتحفونا بتنظيراتهم التي لا تسمن من جوع، وإلا فإن الجوع وصل حد التخمة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
967