لا احتفال من دون نضال

لا احتفال من دون نضال

الأول من أيار عيد العمال ليس مجرد احتفال أو عيد تُلقى به الخطب الطنانة والحماسية على العمال كما سعى ويسعى البعض إلى اقتصاره على ذلك مع إفراغه من محتواه النضالي، فهؤلاء يعملون على تغييب ذاكرة ووعي الطبقة العاملة ومنعها من العودة إلى ماضيها المليء بنضالات العمال وإنجازاتهم التي حققوها ضد الاستغلال على مختلف بقاع الأرض مستخدمين سلاحهم الوحيد الإضراب السلمي.

وتحاول الأنظمة الليبرالية حرمانهم منه لتأمين خروجها من أزماتها المستعصية عبر زيادة استغلال العمال متهجمة على حقوقهم التي نالوها من خلال نضالهم الطويل.
وما نص في بعض الدساتير الدول على حق الإضراب للطبقة العاملة إلا من باب التمويه وتمييع هذا الحق، فعلى أرض الواقع يجري تجريم الإضراب ومحاربته، ويجري تغييب منظمات العمال وتقيدها ومنعها من لعب دورها النضالي ويجري تصوير احتجاجات العمال على ظروف حياتهم على أنها تهدد أمن وسلامة الوطن وهي بالفعل تهدد، ولكنها تهدد حكم الأقلية المسيطرة على البلاد ومقدراتها وتقود نفوذهم.
واليوم، العمال للأسف ليسوا بخير فالسياسات الحكومية الليبرالية أوصلت الطبقة العاملة لحافة الجوع، والطبقة العاملة في أسوأ حالاتها ولا بد من العودة إلى الماضي وتذكير العمال بنضالات من سبقوهم وكيف نالوا حقوقهم. والأول من مايو يعد احتفالاً دولياً للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية.

ذكرى هايماركت

في يوم 1 مايو من عام 1886 نظم العمال في شيكاغو ومن ثم في تورنتو إضراباً عن العمل شارك فيه ما بين 350 و 400 ألف عامل، يطالبون فيه بتحديد ساعات العمل تحت شعار “ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع” ، الأمر الذي لم يَرق للسلطات وأصحاب المعامل خصوصاً وأن الدعوة للإضراب حققت نجاحاً جيداً وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة، ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين وقتلت عدداً منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصاً بينهم 7 من رجال الشرطة واعتُقِلَ على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحُكم على 4 منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة.
تجاوزت قضية هايماركت أسوار أميركا وبلغ صداها عمال العالم، وأحيا المؤتمر الأول للأممية الاشتراكية ذكراها في العاصمة الفرنسية باريس عام 1889، وتمت الدعوة لمظاهرات دولية لإحياء ذكرى هايماركت عام 1890، وفي العام التالي اعترفت الأممية الاشتراكية في مؤتمرها الثاني بعيد العمال حدثاً سنوياً.
وفي عام 1904 دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في الأول من مايو/ أيار من كل عام، وتم السعي لجعله يوم إجازة رسمية في عشرات الدول .وفي عام 1955 باركت الكنيسة الكاثوليكية الأول من مايو عيداً للعمال، واعتبرت القديس يوسف بارا أو يوسف النجار شفيعاً للعمال والحرفيين.

تعبير عن غضب وليس مجرد احتفال

كانت المناسبة للتعبير في التظاهرات والمسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية، من قبيل مسيرة دعم حقوق العمال الذين لا يحملون وثائق في الولايات المتحدة، ورفض استمرار الحرب في العراق، والاحتجاج على حالة الاقتصاد الأمريكي وعدم المساواة الاقتصادية، كما حصل في الأول من مايو 2012 عندما تم احتلال ساحة وول ستريت.
يوم1 مايو يمكن أن يشير إلى العديد من الاحتفالات العمالية المختلفة التي أدت إلى الأول من مايو كذكرى لإحياء النضال من أجل الساعات الثمان في اليوم. وفي هذا الصدد يسمى الأول من مايو بالعطلة الدولية لعيد العمال، أو عيد العمال. بدأت فكرة «يوم العمال» في أستراليا، عام 1856. ومع انتشار الفكرة في جميع أنحاء العالم، تم اختيار الأول من أيار / مايو ليصبح ذكرى للاحتفال بحلول الدولية الثانية للأشخاص المشتركين في قضية هايماركت 1886.
وعلى الرغم من أن الأول من أيار/ مايو، هو يوم تلقّى وحيه من الولايات المتحدة، فإن الكونغرس الأميركي قد خصص الأول من مايو كيوم للوفاء عام 1958، نظراً للتقدير الذي حظي به هذا اليوم من قبل الاتحاد السوفييتي

معلومات إضافية

العدد رقم:
964
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 12:12