كيف نشأت نقابات عمال الساحل؟
محرر الشؤون العمالية محرر الشؤون العمالية

كيف نشأت نقابات عمال الساحل؟

كانت محافظة اللاذقية تضم محافظة طرطوس ومنطقة جسر الشغور عشية الاستقلال والجلاء، ونشأت فيها طبقة عاملة فتية طوال النصف الأول من القرن العشرين، بينما عرف عمال اللاذقية «الإضراب» لأول مرة أثناء إضراب عمال التبغ عام 1899. وقطعت الطبقة العاملة في محافظة اللاذقية طريقاً طويلاً لتأسيس النقابات العمالية.

انعقد المؤتمر المنطقي لمنظمة الحزب الشيوعي في اللاذقية عام 1945، وجاء في الكتيب الصادر عن المؤتمر: أن منظمة اللاذقية تتكون من 100 منظمة حزبية تضم آلاف الشيوعيين الذين خاضوا المعارك ضد الاستعمار الفرنسي والفاشية وضد الاقطاعيين وأرباب العمال، مثل: إضراب 200 عامل في مصنع الحرير القديم في مشتى الحلو. وتأسست أول نقابة عمالية في محافظة اللاذقية أواخر ثلاثينات القرن الماضي، هي نقابة عمال المطابع، بينما تأسست بقية النقابات على يد العمال الشيوعيين بين عامي 1945-1946 أثناء معارك الجلاء.
نقابة عمال الخياطة
وكان النقابي الشيوعي محمد حسن الداش مؤسس نقابة عمال الخياطة مساهماً في تأسيس 16 نقابة أخرى، مثل: نقابة الحلاقين ونقابة النجارين وغيرها، وكانت النقابات في البداية تضم العمال وأرباب العمل «الحرف» ولم توجد مصانع بمفهومها الحقيقي.
انتخب النقابي محمد الداش رئيساً لاتحاد عمال محافظة اللاذقية المكون من 17 نقابة، وعضواً في لجنة تحديد الأجور. وعمل الشيوعيون على فصل العمال عن أرباب العمل، وتشكلت نقابة لكل فئة. وشارك عمال اللاذقية في الإضرابات العمالية الكبيرة بعد الجلاء والتي شملت كامل سورية، مثل: الإضراب الشهير الذي نتج عنه إصدار أول قانون للعمل في سورية عام 1946، والإضرابات المطالبة بزيادة الأجور والضمان الصحي ومنع التسريح التعسفي وثماني ساعات عمل.
نقابات عمال التبغ «الريجي»
ومن أشهر النقابات التي ناضل الشيوعيون لتأسيسها هي نقابات عمال التبغ «الريجي» التي خاضت الإضرابات دفاعاً عن حقوق العمال وضد المالكين الأجانب لشركة الريجي. ونقابة عمال المرفأ «المينا» التي وصلت مطالبها إلى البرلمان عن طريق النائب الشيوعي خالد بكداش، وخاضت نقابة عمال المرفأ نضالاً قاسياً ضد المالكين الذين كانوا أشبه بالمافيا. ويحكي الروائي حنا منيه في روايته «نهاية رجل شجاع» صوراً من نضال عمال التبغ والمرفأ من أجل تأسيس نقابات تدافع عنهم.
جريدة «الأرض للفلاح»
وفي سنة 1952، تأسس اتحاد للفلاحين والعمال الزراعيين في قرى جبال اللاذقية وضم في صفوفه 4000 عضو، وكان الاتحاد يوزع 3500 نسخة من جريدة «الأرض للفلاح» وكان الاتحاد ممثلاً في الاتحاد العالمي للعمال الزراعيين وشغيلة الغابات الذي تأسس في فيينا، وخاض العديد من المعارك الفلاحية والإضرابات العمالية لدرجة أن أديب الشيشكلي قد جرد حملة عسكرية ضد جبال اللاذقية عام 1952.
وفي منتصف الخمسينات، أصبح اتحاد عمال محافظة اللاذقية يضم في صفوفه آلاف العمال، مدافعاً عن حقوق العمال في المحافظة، إلى أن جاءت سنوات الوحدة السورية المصرية ووجهت ضربة قوية للنقابات العمالية، حيث جرى حل النقابات الموجودة، وإعلان نقابات غير موجودة، وعندما صوت العمال للنقابيين للشيوعيين الذين انتخبوا في معظم لجان النقابات الرئيسية، لجأت السلطات إلى اعتقال النقابيين وتسريحهم، وفقدت الحركة النقابية استقلاليتها منذ ذلك الوقت.

معلومات إضافية

العدد رقم:
964