الحركة العمّالية والجلاء العظيم
محرر الشؤون العمالية محرر الشؤون العمالية

الحركة العمّالية والجلاء العظيم

في السابع عشر من نيسان 1946، احتفلت سورية من أقصاها إلى أقصاها بجلاء آخر جندي أجنبي عن أرضها، وتحقق الجلاء نتيجة ثلاثة عوامل:

• حركة شعبية واسعة في سورية كلها بمشاركة فئات مختلفة من الشعب.
• الاتحاد في جبهة وطنية للنضال ضد الاستعمار والإمبريالية.
• تأييد الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية والشعوب العربية لنضال الشعبين السوري واللبناني في سبيل الجلاء.
وفي تلك اللحظة بالذات، منذ انتفاضة الجلاء في أيار 1945، وتحقيق الجلاء في نيسان 1946، بلغت الحركة العمالية درجة كبيرة من النشاط، وشارك العمال السوريون في معارك انتفاضة الجلاء في جميع المحافظات وسقط العديد منهم شهداء في دمشق وحلب واللاذقية وحماة.

مؤتمر العمال السوريين

ومنذ نهاية عام 1944 كانت الحكومة تشدد الرقابة على الاتحاد العام لنقابات سورية، فشكل الحزب الشيوعي مع قوى تقدمية أخرى اتحاداً نقابياً جديداً «مؤتمر العمال السوريين» الذي يضم في صفوفه 17 ألف عامل برئاسة النقابي الشيوعي إبراهيم بكري.
أصدر مؤتمر العمال السوريين نشرة «نقابات العمال». وفي الأول من أيلول 1945 قرر المؤتمر إرسال وفد لحضور مؤتمر النقابات العالمي، ولكن الحكومة منعت الوفد من السفر، فاضطر الوفد السوري للسفر ضمن وفد لبنان، وانتخب العمال السوريون نقابيين شيوعيين لتمثيلهم لأنهم لا يرتشون ولا يتآمرون على العمال ولديهم مبادئ، وهكذا انتخب العمال الوفد السوري المكون من إبراهيم بكري أمين سر نقابة عمال النسيج في دمشق «بالإجماع» وسعيد السواس رئيس نقابة عمال الميكانيك في حلب «بالإجماع» وجميل عثمان عضو الهيئة الإدارية لنقابة مستخدمي الفنادق في حمص «30 صوت من أصل 40»، وأيد الوفد السوري اللبناني اقتراحاً حول تكوين اتحاد نقابات عالمي وانتسب إليه.
تصاعدت الإضرابات العمالية في سورية لحظة تحقيق الجلاء، وما أن تحقق الجلاء حتى بدأ العمال يقودون الإضرابات في وجه الشركات الأجنبية، ففي دمشق وحدها أضرب عمال الكهرباء وعمال الترامواي يوم 17 نيسان 1946 من أجل تحقيق مطالبهم وأيدت الأحياء الدمشقية وبقية النقابات إضرابهم خلال عشرات البرقيات التي أرسلت إلى الحكومة، كما شارك العمال في المظاهرات الشعبية في شوارع دمشق احتفالاً بتحقيق الجلاء العظيم.
وفي حزيران 1946، نكلت الحكومة بعمال شركة التبغ الفرنسية «الريجي» المضربين الذين طالبوا بزيادة الأجور، وحاولت الحكومة كسر إضراب عمال السكك الحديدية الذين أضربوا ضد المالكين الأجانب وتقدموا بمطالبهم. وتحت ضغط الحركة الإضرابية للعمال، اضطرت الحكومة إلى إصدار أول قانون للعمل بتاريخ 11 حزيران 1946.

إصدار قانون العمل

لعب الحزب الشيوعي دوراً كبيراً في إصدار قانون العمل، إذ أقام العلاقات مع النواب الديمقراطيين لتسريع تصديقه، وشكل لجنة لدراسة مشروع القانون قدمت العديد من الملاحظات، ونظم الحزب مظاهرة من أجل تطبيق قانون العمل. وحدد القانون يوم العمل من 8 ساعات وسمح للعمال بحقّ الإضراب وتكوين النقابات وحدد الحد الأدنى للأجور والعطلة الأسبوعية المدفوعة الأجر والعطلة السنوية والمعونات.
استمرت الإضرابات في جميع إنحاء البلاد، وتكونت النقابات في جميع المحافظات، ففي تموز 1946 شمل إضراب عمال السكك الحديدية جميع المناطق الشمالية وخاصة عمال حلب، وأضرب عمال شركة كهرباء حمص- حماة، فهبت الحكومة لمساعدة الشركات الأجنبية واعتقلت 700 عامل.
عمال النسيج
وكان إضراب عمال النسيج أقوى الإضرابات التي شهدتها البلاد، وقف الشيوعيون على رأس الإضراب، وطالبوا بتطبيق قانون العمل، فردت الحكومة بزج قادة اتحاد نقابات عمال النسيج في السجون وعلى رأسهم الشيوعيان حسين عاقو وإبراهيم بكري، كما أغلقت السلطات جريدة «صوت الشعب» لأنها دافعت عن حقوق عمال شركة التبغ الفرنسية المضربين، وجرى ضغط على الحزب الشيوعي ومنع نشاطه واعتقل أعضاؤه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
962
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 12:26