الفقر والطبقة العاملة
الفقر حالة اجتماعية، يتم خلالها إقصاء فئات من المجتمع وحرمانها من الحصول على الحقوق القانونية الأساسية، وعدم تمكّنها من بعض حقوقها الاقتصادية والاجتماعية. ويعتبر الحق في العمل والحصول على الكسب لتحقيق الدخل الضروري من أول الحقوق الإنسانية التي لا بد أن تتوفر لجميع قوة العمل المتواجدة في سوق العمل، ومكافحة الفقر يتطلب إتاحة الفرصة للفقراء للحصول على فرصة عمل دائمة.
هناك أسباب كثيرة تضع الطبقة العاملة في حالة الفقر، ومن هذه الأسباب:
- التعطل عن العمل وانخفاض مستوى الأجور بشكل لا يتناسب مع الواقع المعيشي، وحرمان العمال من حقوقهم التي كفلتها لهم تشريعات الدولة والوطنية من خلال الدستور والقوانين النافذة، فالغالبية العظمى من العمال بدون حماية تأمينية أو اجتماعية، والأجور لا تكاد تسدّ رمق العمال وأسرهم.
- الانضمام للنقابات: لقد نصّ الدستور في مادته الخامسة والأربعين على حرية تكوين النقابات، كما ضمنت قوانين العمل النافذة سواء قانون العاملين رقم /50/ أو قانون العمل رقم /17/ حماية العامل وحريته في الانتساب إلى النقابات. وقد قُدّر عدد العمال المنتسبين للنقابات بما يقارب 601200 عامل حسب التقرير المقدم للمؤتمر العام للنقابات للدورة الحالية السابعة والعشرين، وأغلبهم من عمال قطاع الدولة. حيث يتم انتساب العامل للنقابة شبه إجباري، أو لا يعلم بانتسابه إلا من خلال اقتطاع اشتراكاته للنقابة من أساس الراتب. أما عمال القطاع الخاص في التنظيم النقابي فنسبتهم ضئيلة لأن معظم أصحاب العمل يرفضون إنشاء لجان نقابية في منشآتهم، ويقومون بالضغط على العمال بشكل مباشر أو غير مباشر لعدم انتسابهم للنقابة، ومن ناحية أخرى، لم تلعب النقابات ذلك الدور المناط بها في حماية حقوق العمال، وخاصة في كيفية تحديد أجور العمال، لعدة أسباب وفي مقدمتها: تدخّل أجهزة الحكومة في شؤون وأعمال النقابات، إضافة إلى تدخّل أصحاب العمل في تعيين ممثلي العمال في الكثير من اللجان النقابية في منشآتهم الإنتاجية، هذا عداك عن رفض العديد من أصحاب العمل والشركات إنشاء لجان نقابية في منشآتهم كما ذكر أنفاً. وخلال الدورة الماضية للنقابات تشير بعض الاحتجاجات التي حدثت في القطاع الخاص إلى شعور العمال أن هذه النقابات لا تعبّر عن أرائهم ومواقفهم، وهي لا تستطيع حماية حقوقهم، وخاصة الأجور أو التعطل عن العمل بسبب الصرف من العمل.
- الانضمام إلى مظلة التأمينات الاجتماعية: يشمل قانون التأمينات الاجتماعية جميع العاملين في قطاع الدولة وعمال القطاع الخاص، ويوفر لهم هذا القانون حماية من مخاطر عديدة، منها ما يتعلق بالفقر والشيخوخة والعجز والوفاة، وهناك العديد من المزايا الأخرى. وهنا نلاحظ أيضاً أن أغلب عمال القطاع الخاص غير مشمولين بالمظلة التأمينية، وبالأخص عمال القطاع غير المنظم، فهم جميعاً لا يعرفون هذه المظلة، وهذا مرتبط بضعف النقابات في القطاع الخاص، وخصوصاً القطاع غير المنظم، إن حجم الفقر وانتشاره في الاقتصاد مرتبط كذلك بتوزيع قوة العمل، بين فئات متعطلة وفئات أخرى تعمل بشكل منتظم أو غير منتظم، إن التقليل من حدة الفقر لا يمكن أن يتم إلاّ من خلال سياسات اقتصادية تهدف إلى رفع نسب النمو الاقتصادي، وتحقق العدالة في توزيع الثروة الوطنية، وسياسات اجتماعية تحقق الحماية الاجتماعية والأمان، وتُمكّن قوة العمل من حقوقها المختلفة وتؤمن العمل اللائق كأحد الشروط الضرورية لمكافحة الفقر. ولا بد للدولة والنقابات أنْ تدركا أن تكلفة الفقر كبيرة وتكلفة عدم محاربته أكبر من التكلفة التي تبذل من أجل التخفيف منه.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 960