أين الزيادة لعمال القطاع الخاص؟؟
صدر المرسوم التشريعي رقم 23 لعام 2019 والذي نص على زيادة الأجور والرواتب وضم تعويض المعيشة إلى أساس الراتب، وحددت المادة (2) من المرسوم الفئات التي تدخل في نطاق شموله، وهم العاملون المدنيون والعسكريون في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وشركات ومنشآت القطاع العام والبلديات ووحدات الإدارة المحلية والعمل الشعبي والشركات، والمنشآت المصادرة والمدارس المستولى عليها استيلاء نهائياً وما في حكمها، وسائر جهات القطاع العام، وكذلك جهات القطاع المشترك التي لا تقل نسبة مشاركة الدولة عن 75% من رأسمالها.
وعليه فإن الزيادة المذكورة لم تشمل العاملين في القطاع الخاص الخاضعين لأحكام قانون العمل رقم 17 لعام 2010، إنما طبقت بحقهم فقط المادة (5) من المرسوم المذكور أعلاه والتي تنص على أن يزداد الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك غير مشمول بأحكام القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته لتصبح (47675) ليرة سورية شهرياً.
وذلك يعني إخضاع التعويض المعيشي الذي كان يتقاضاه العمال بشكل مقطوع إلى الحسميات والضرائب، وبالتالي بدلاً من نعطي العامل قمنا بالأخذ منه دون أن نشمله بزيادة الأجور، فكيف استطاعت الدولة إلزام القطاع الخاص بتضمين تعويض المعيشة في أساس الراتب ولم تستطع إلزامه بزيادة الرواتب والأجور التي أقرتها للعمال في القطاع العام؟. فبحسب رأي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فإن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 لم يتضمن نصاً قانونياً صريحاً يخولها صلاحية إصدار قرار بزيادة أجور العاملين في القطاع الخاص، وإنما يحق له زيادة دورية للأجور مرة كل سنتين 9% كحد أدنى، هذا يعني أن العمال في القطاع الخاص لا يشملهم أي مرسوم لزيادة الأجور، وليس لهم سوى الزيادة الدورية كل سنتين التي نص عليها قانون العمل، فلماذا لا تشملهم مراسيم زيادة الأجور؟ أليسوا يعيشون في نفس الظروف المعيشية لعمال القطاع العام؟ بماذا يختلفون حتى لا تشملهم الزيادة بل شملتهم فقط من حيث دفع الضرائب والاقتطاعات والحسميات؟.
إثراء بلا سبب
العمال الذين يتقاضون أجوراً تقل عن 47675 ليرة سورية شهرياً كيف سيتم إلزام أرباب العمل برفع أجورهم إلى الحد الأدنى العام الجديد؟ خاصةً وأن مؤسسة التأمينات الاجتماعية قامت بتعديل الأجور حسب تصريح مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وفق الحد الأدنى الجديد حاسوبياً، أي إن المؤسسة ستكون مارست إثراءً بلا سبب على حساب العامل، ولا تملك مديريات العمل حسب تصريح مدير العمل سوى الطلب من مفتشيها إلزام أرباب العمل بالحد الأدنى الجديد، وهذا بحد ذاته غير كافٍ ولا يؤدي إلى نتيجة كما علمتنا التجارب السابقة، وإذا كانت تلك الوسيلة الوحيدة والناجعة لإلزام أرباب العمل برفع الحد الأدنى العام للأجور. لماذا لا يتم تشميل عمال القطاع الخاص بهذه الزيادة ومراقبة تطبيقها من قبل مفتشي مديرية العمل؟
اللجنة الوطنية للأجور
إن قانون العمل نص أيضاً في المادة 70 منه على اللجنة الوطنية التي مهمتها وضع حد أدنى للأجور وإعادة النظر فيه للعاملين المشمولين بأحكام قانون العمل، وحيث تراعي هذه اللجنة في أداء مهمتها الأزمات الاقتصادية، وهبوط سعر النقد وصرف العملة الوطنية والقوة الشرائية والمستوى العام للأسعار وغيرها من المتغيرات الاقتصادية، ولكن منذ صدور قانون العمل عام 2010 وحتى تاريخه، ورغم كل المتغيرات الاقتصادية السلبية على ذوي الدخل المحدود التي طرأت في البلاد لم تعقد اللجنة أية اجتماعات، ولم تمارس عملها المنصوص عليه قانوناً، مع أنه من المفروض أن تجتمع اللجنة كل ثلاثة أشهر على الأقل لدراسة واقع الأسعار المتغير وتأثيرها على الأجور.
من غير المنطقي أن تطرأ الزيادة على الأجور لعمال قطاع دون آخر تحت حجج واهية، ففي النهاية أحوال العمال جميعها سيئة، نتيجة للظروف الاقتصادية وتدهور سعر الصرف وانخفاض القيمة الشرائية لليرة، ولم تفرق الأزمة بين عامل في القطاع العام أو الخاص، فالبلاء كان على جميع ذوي الدخل المحدود ولم يستثنَ أحداً، أم إن الحكومة تركت العمال في القطاع الخاص تحت رحمة أرباب العمل ودون أن يكون لها أي دور إيجابي لصالح العمال خوفاً من إزعاج أرباب العمل ولضمان زيادة أرباحهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 948