تطوير الضمان الاجتماعي للعمال
على الرغم من تأكيد قانون التأمينات الاجتماعية على الحماية الاجتماعية لكلَّ العمال في البلاد، إن كانوا يعملون في القطاع الخاص أو قطاع الدولة، وإلزام جميع أرباب العمل بالتأمين على كافّة العاملين لديهم، لا يزال حق العمال هذا الأساس في الضمان الاجتماعي بعيد المنال لنسبة كبيرة من العمال.
فالضمان لا يغطي سوى العاملين في قطاع الدولة وجزء صغير من عمال القطاع الخاص الذين يعملون بعقود شبه منتظمة، في حين تُستثنى أعدادٌ كبيرة أخرى من التغطية، مثل العاملين في القطاع غير المنظم وهو قطاع ضخم، والعمال المياومين والعقود المؤقتة والعاملين بالنقاط وغيرهم. حيث يتمتَّع العاملون في قطاع الدولة عموماً بمزايا ضمان اجتماعي أكبر من نظرائهم في القطاع الخاص، من خلال تسجيل هؤلاء العمال برواتهم الحقيقة خلافاً لعمال القطاع الخاص الذين يؤمُّن عليهم ربُّ العمال برواتب وهمية لا تمت بصلة لرواتبهم الحقيقية، وهذا يشكل خرقاً صريحاً لقانون التأمينات الاجتماعية. ويعتبر من جهة أخرى عائقاً أمام حركة سوق العمل. ويساهم في ارتفاع معدلات انتشار وتوسيع العمل غير المنظم، وارتفاع مستويات البطالة التي تسهم في زيادة معدلات الفقر والمهمَّشين في المجتمع .وقد أكَّدت كلُّ اتفاقيات العمل الدولية والعربية على أهمية وضرورة شمول كل العمال بالضمان الاجتماعي من خلال حماية العمال من الأمراض المهنية وتعويضات حوادث العمل والأمراض المهنية، هذا غير تعويضات العجز والشيخوخة.
إنّ تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تشمل قاعدة عريضة ومستدامة في المجتمع يتطلب توزيع الدخل الوطني أي «عوائد النمو الاقتصادي» بطريقة أكثر عدالة وإنصافاً، وأنه لا بدَّ من توفير تلك الحماية الضرورية من الفقر. وتحتل الحماية الاجتماعية تحت مظلة التأمينات الاجتماعية وتطوير آليات وطرق تدخلها في سوق العمل وتغطية جميع العاملين بأجر، درجة كبيرة من الأهمية للمساهمة في تعزيز تأمين الدخل بعد فقدان العامل العمل بسبب العجز الصحي أو الشيخوخة، ويتعيَّن على الدولة أولاً ومؤسسة التأمينات الاجتماعية بذل المزيد من الجهود لضمان استمرار هذه الحماية الاجتماعية كآلية لا يمكن الاستغناء عنها للتضامن والتكافل الاجتماعي للعمال، تقوم على مبادئ الشمول في الوصول والمساواة لكل العاملين بأجر.
إن أكثر بلدان العالم أنشأت مؤسسات للضمان الاجتماعي للتغطية الفعَّالة للضمان الاجتماعي. وطبّقت عدة بلدان تدابير كي تكون أنظمة الحماية الاجتماعية متوافقة مع الواقع المتغير في سوق العمل، من خلال تبني منافع تأمين مختلفة، كالبطالة على سبيل المثال، وكذلك توسيع نطاق التغطية لفئات معينة من العاملين لحسابهم. وهذا ما تم إدراجه في قانون التأمينات الاجتماعية، ومع ذلك فإن هذا التدبير غير كافٍ لضمان تغطية شاملة ومستويات كافية من المنافع. حيث ركَّز هذا التعديل على توفير المعاشات التقاعدية فقط دون أن يغطي المخاطر الأخرى كالمرض المهني أو حوادث وإصابات العمل والعجز الصحي، مما يمثل مصدر قلق كبير للمؤمَّن عليهم لحسابهم. وتوصي منظمة العمل الدولية والعربية من خلال مؤتمراتها وندواتها المختلفة، والتي يحضر معظمها مندوبو سورية على تعزيز تلك السياسات التي تؤدي إلى توسيع نطاق الحماية الاجتماعية المناسبة لجميع العمال، إضافة إلى أفراد المجتمع، ليشمل الضمان الاجتماعي الوصول إلى الرعاية الصحية وتأمين الدخل، وتعويض البطالة والمرض والعجز وإصابات العمل أو فقدان أحد مصادر الدخل الرئيسة. وهذا ما اعتمدته منظمة العمل الدولية في دورتها المئة لمؤتمر العمل الدولي في عام 2011.
إن تطوير قانون التأمينات الاجتماعية بما يتناسب مع متطلبات تطوير خدمات ومصالح الطبقة العاملة لا بدَّ أن يكون أيضاً من المهام التي تندرج أمام النقابات التي تستعدُّ اليوم لمؤتمرها العام في الدورة الجديدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 942