عمال القطاع الخاص والنقابات

عمال القطاع الخاص والنقابات

تكونت النقابات بإرادة العمال نتيجة نضالات وتضحيات عديدة وكبيرة قدمتها الطبقة العاملة من أجل تكوين نقاباتها الحرة من أجل الدفاع عن حقوق ومطالب العمال المختلفة التي يسلبها أرباب العمل، وتحسين شروط وظروف العمل، وهي ليست حزباً سياسياً بصرف النظر إن كان بعض أعضائها ينتمون إلى أحزاب سياسية، فهي لجميع العمال بكل انتماءاتهم، وهي في طبيعة الحال ليس من أهدافها الوصول إلى السلطة. والعمال يجب أن تختارون ممثليهم بكلّ حرّية ومن ذلك تأتي أهمية استقلاليتها عن أجهزة الدولة والأحزاب، وهذا يساهم في تقوية النقابة في التفاوض نيابة عنهم، ومن واجب الدولة أن تؤمن لها الحماية الدستورية والقانونية المعبر عنها بالتشريعات الوطنية والدولية.

تشكو الحركة النقابية اليوم من ضعف عدد المنتسبين إليها من عمال القطاع الخاص، رغم أن تعداد العمال في هذا القطاع يقارب ثلاثة أمثال عمال قطاع الدولة أو أكثر، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذه الشريحة الكبيرة من الطبقة العاملة بعيدة عن الحركة النقابية؟ وما هي الطرق والأساليب التي تجذب هؤلاء العمال للانضواء في الحركة النقابية، التي من المفترض أن تكون صوتهم العالي من أجل حقوقهم؟، ومن المعروف أيضاً أن عمال الدولة لا ينتسبون إلى النقابات طواعية، بل بحكم العرف، فعند دخول العامل إلى أي موقع إنتاجي لدى الدولة يعتبر منتسباً للنقابة، وهو قد لا يعرف عن النقابة حتى بعض الخدمات التي تقدمها صناديق المساعدة الاجتماعية، مثل أية جمعية خيرية تقدم بعض المساعدات، وساهم هذا في طبيعة الحال في تهميش دور العمال وأضعف العلاقة بين العامل ونقابته، وانعكس بدوره على مجمل العمل النقابي، وخاصة في القطاع الخاص. أما قانون التنظيم النقابي الذي ينظم عمل النقابات وما هو الدور المنوط بها، فهو بعيد عنها وهذا يعود إلى احتواء أجهزة الدولة هذه النقابات، وتحديد أطر عملها بما فيها هيكليتها التنظيمية، بحيث تكون جزءاً من جهاز الدولة، وتعبر عن مصالحها في طار الطبقة العاملة عبر خطوط مرسومة لا يمكن أن تتجاوزها، وهذا نراه من شكل ومضمون مطالبها لحقوق العمال، وخاصة حقها بأجور مناسبة تلبي احتياجاتها المعيشية.
السؤال الكبير اليوم، وقد أنهت الحركة النقابية دورتها السادسة والعشرين لتبدأ دورة نقابية جديدة في ظل ظروف وواقع جديد من حياة البلاد كيف تعيد الحركة النقابية ثقة العمال بنقاباتهم وكيف تضع القطار على السكة الصحيحة، وخاصة عمال القطاع الخاص؟.
إنّ الإجابة عن هذا السؤال لا تتم من خلال الخطابات أو المذكرات والكتب، بل من خلال ما تقوم به النقابات من مواقف عملية تثبت فيها أنها المدافع الحقيقي عن حقوق العمال في القطاع الخاص، والتي في مقدمتها الأجور، وذلك من خلال المفاوضات الجماعية، وتحصيل أفضل الأجور التي لا يقل حدها الأدنى عن متوسط الحياة المعيشية، وضمان الزيادات الدورية... إلخ، وذلك باستخدامها أدواتها النضالية الحقيقية والفعالة. وأن يشعر العامل بأن النقابة هي المدافع الحقيقي عنه أمام صاحب العمل، وأنها تمثله تمثيلاً حقيقياً فمثل النقابة بالنسبة للعامل كمثل الشخص الموثوق به يلجأ إليه العمال عندما تتصرف الإدارة بشكل غير لائق مع العمال، وتعمل على احترامه وصون كرامته في مكان العمل، وكذلك تعمل على حماية وصحة وسلامة العمال من الأخطار والأمراض وإصابات العمل، من خلال الضغط المستمر على تحسين وتطوير قواعد الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية.
النقابات العمالية هي شبكة مترابطة ومتضامنة عبر كل البلاد من خلال الاتحاد العام لنقابات العمال، ويمكنها استخدام ترابطها هذا عبر تضامن كافة العمال من أجل أي حق من حقوق العمال، وحل أية مشكلة من مشاكل العمال الكبرى باستخدام أدواتها النضالية الفعالة، والتي منها الإضراب. هكذا تتم إعادة الثقة إلى عمال القطاع الخاص واحتضانهم بحمايتهم، وتبني مطالبهم المشروعة وألاّ يكون الانحياز إلاّ لصالح حقوق العمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
935