المرأة العاملة في السويداء ... جبهات عمل جديدة
وائل منذر وائل منذر

المرأة العاملة في السويداء ... جبهات عمل جديدة

بعد ثماني سنوات ونيّف من الحرب والإفقار والتهميش وارتفاع معدلات البطالة إلى حدود غير مسبوقة، والأوضاع المعيشية الكارثية لأكثرية السوريين، بالمقابل، الثراء الفاحش للقلة «النخبة الاقتصادية» التي عصرت البشر والحجر دون رحمة لتضيف أصفاراً جديدةً لأرصدة فلكية جنتها من عرق وتعب كل السوريين، هل سنبقى نستغرب وجود المرأة السورية العاملة في أعمال جديدة بحيث انخرطت أكثر من ذي قبل في العديد من المشاريع والأعمال التي كانت حكراً على الرجال سابقاً؟.

قاسيون جالت في عدة مواقع تعمل فيها المرأة السورية في محافظة السويداء، وكانت لها اللقاءات التالية:
أم يزن: أم لأربعة أولاد تعمل في مهنة إعداد الطعام الشعبي في محافظة السويداء ضمن محل صغير، في وسط إحدى البلدات الصغيرة التابعة لريف السويداء. أم يزن تحدثت لقاسيون قائلة: «الظروف الصعبة التي أفرزتها الأزمة السورية، ووفاة زوجي الذي كان يعمل ويكسب أموالاً تكفينا دفعتني لاحقاً للعمل مكانه، وأضافت: أنا الآن أعد وليمة الكسكسي وهي أكلة شعبية شائعة في المغرب العربي تعلمت أصول طبخ هذه الأكلة عندما كنت مع المرحوم زوجي الذي كان يعمل في ليبيا في تسعينات القرن الماضي، الله وفقني وصارت هذه الأكلة محط شهرة في البلدة بالنسبة لي، العمل عبادة واستطعت من خلال عملي هذا التغلب على الصعوبات والتحديات التي واجهتني واستطعت اكتساب احترام الآخرين عبر الالتزام بالموعد دون أي تقصير».
تقول ميسون: «أنا من مدينة بصرى الشام استثمرت سيارتنا الخاصة مدة ثلاث سنوات وعملت كسائقة أنقل السيدات وكل من احتاج التنقل من وإلى «بصرى» للحصول على دخل مادي يساعدني بعد مرض زوجي وعدم تمكنه من العمل، وفي عام 2015 عندما تدهورت الحالة الأمنية انتقلنا إلى «السويداء» بحثاً عن الأمان والاستقرار وعن مورد للرزق، أحمل شهادة المعهد التجاري، ولم استطع الحصول على عمل يناسب شهادتي، لذا أعمل بقطع الإيصالات في موقف مأجور في مدينة السويداء منذ الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثالثة والنصف، أقوم بتنظيم حركة السيارات من وإلى الموقف واستلام مفاتيح السيارات وإعادتها لأصحابها أثناء مغادرة الموقف».
ميسون من مواليد 1980: أم لولدين شاب وفتاة في مرحلة التعليم الإعدادي، تعمل لتغطية مصاريف المعيشة وتكاليف تعليم أولادها وسداد أجار البيت المستأجر من قبلها.
سهير: صاحبة أول مغسل ومشحم للسيارات حيث يضم مجموعة من العاملات (الجنس اللطيف) اللواتي يقمن بعملية الغسيل والتشحيم.
تقول سهير: «تم تجهيز المكان بتقنيات متطورة من أجهزة ضخ المياه والصابون ليكون العمل أقل صعوبة وتتمكن العاملات من التعامل مع المعدات المطلوبة التي دربنا عليها ثلاث شابات ليقمن بتنظيف كامل للسيارة».
سهير تأمل أن تجد شابات لديهنّ خبرة بالميكانيك والتشحيم والزيت، لتستكمل كافة احتياجات السيارة.
تقول هبة: وهي إحدى عاملات المغسل : «لم أتوقع يوماً أن أجد فرصة عمل في مشحم، المهنة التي تعودنا أن يمارسها الرجال مع أنها من الأعمال غير المجهدة، وأنا سعيدة بحصولي على فرصة عمل».
أم علي (47 عاماً) تعمل كبائعة للخضار أمام أحد المحلات في مدينة السويداء، قالت: «لقد هُجِّرنا من منزلنا قبل حوالي ثلاث سنوات بعد أن سيطر عليه المسلحون الذين قاموا بحرق المنزل بكل محتوياته، لقد خسرنا كل شيء، ولم نعد نملك سوى بعض القطع الذهبية التي نبيع منها عندما نحتاج لدفع الإيجار، وأضافت: لدي ستة أولاد، منهم أربعة صبيان وبنتان. لم يكن أمامي من خيار سوى فتح بسطة للخضار أمام هذا المحل، لكي أتغلب على الوضع الذي أجبرنا عليه، أنا مستأجرة غرفتين صغيرتين في أطراف مدينة السويداء، وزوجي مريض لا يقوى على العمل، ولا بدّ من العمل ولساعات طويلة كي أؤمِّنَ احتياجات المنزل».
أم هشام (55 عاماً)، أم لأربعة أولاد تحمل إجازة جامعية فتحت مخبزاً لصنع الخبز العربي في منزلها.
قالت أم هشام: «أنا فخورة في عملي خاصة عندما أرى أولادي وهم يحملون شهادات علياً في التحصيل العلمي، فقد استطعت أن أحقق ذاتي رغم وجود تحديات كبيرة. وأضافت: هذه المهنة أعتزّ بها واخترها كونها تراثاً يمثل أجدادنا، وعملت على إحيائها من جانب ومن جانب آخر حققت لي دخلاً مادياً مناسباً ساعدني في تعليم أولادي، في البداية لاقت فكرة عملي رفضاً من الأسرة، ولكن مع مرور الوقت والنجاح الذي حققته بدأت الصورة تتغير، وبدأ الكل يساعدني في العمل، دون أي حرج، إني أعمل في مهنة صنع الخبز العربي منذ 6 سنوات، الأزمة السورية لها آثار سلبية على عملي من خلال نقص بعض المواد الأولية الداخلة في صناعة الخبز كالقمح والغاز، الأمر الذي أدى إلى تراجع المردود المادي وتذبذب الإنتاج.
«إخلاص» من ذوي الاحتياجات الخاصة تحدت ظروفها الصعبة، وبحثت عن فرصة عمل تساعدها في تربية طفليها، حيث خضعت لدورة تدريبية في مجال تصميم الإكسسوارات اليدوية، وتدوير الأشياء المهملة، وبدأت بالعمل في منزلها المستأجر في مدينة «السويداء» بعد أن حولته لورشة تصنيع الإكسسوارات اليدوية، وأمنت فرص عمل لخمس عاملات ينتجن عقود الخرز والآساور.
قالت إخلاص: «الرزق على الله، أعتمد على المعارض الجماعية لتسويق أعمالنا، وأرى في العمل الجماعي فرصة لتبادل الخبرات مع غيري من النساء العاملات بنفس المجال، وأسعى دائماً لتطوير ذاتي بالعمل المستمر».
أم نورس: سيدة ريفية آثرت أن تكون مُكافِحة في زمن الحرب لتؤمن مصدر دخل لأسرتها وتمرّست في صناعة المؤن المنزلية.
قالت لنا: «وظفت مكونات البيئة الريفية، وصنعت اللبن والمكدوس والسمن البلدي ودبس العنب، وبدأت التسويق خارج نطاق قريتي عبر المعارف والأصدقاء لجميع المنتوجات الريفية في مدينة السويداء».
إن وضع المرأة العاملة تدهور كثيراً في ظل الأزمة، بسبب غياب التشريعات الناظمة لعملها واستغلالها، وعدم إعطائها الأجر المناسب الذي يتناسب مع ساعات العمل الذي تقوم به.
يضاف إلى ذلك ارتفاع نسب البطالة في محافظة السويداء، في ظل الأزمة مما حمل المرأة أعباءً إضافة، فهي مضطرة للبحث عن عمل في ظروف صعبة، إن أكثر النساء العاملات يعملن بأجور قليلة لا تكفي، وهذا إجحاف بحق المرأة العاملة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
917