الأول من أيار عيد العمال العالمي
نبيل عبد الفتاح نبيل عبد الفتاح

الأول من أيار عيد العمال العالمي

عتبر الاحتفال بالأول من أيار تخليداً لذكرى واستمرار نضالات الطبقة العاملة وتضامن العمال العالمي، ويعود أصل هذا الاحتفال بالأول من أيار لأواخر القرن التاسع عشر، عندما نظَّم العمال في شيكاغو إضراباً عاماً شارك فيه مئات آلاف العمال يمثلون آلاف المصانع يطالبون به بتحديد يوم العمل بثماني ساعات ضمن شعار «ثماني ساعات عمل- ثماني ساعات راحة- ثماني ساعات نوم».

حيث كان العمال يعملون ما بين 14 -16 ساعة في اليوم، ويأخذون أجوراَ زهيدة مقارنة بما ينتجونه من قيمة زائدة تعود كلها إلى جيوب أصحاب العمل الرأسماليين، وقد حقق الإضراب نجاحاً كبيراً، حيث شلت الحركة الاقتصادية في المدينة، فقامت الشرطة بإيعاز من السلطات بإطلاق النار على العمال المتظاهرين، وقتلت العديد منهم محدثة مجزرة كبيرة من خلال رمي قنبلة بين صفوف العمال المحتجين، وقامت السلطات بإعدام عدد من قادة الإضراب والمظاهرات العمالية، وقد كتب أحد قادة الإضراب رسالة إلى ابنه الصغير جاء فيها: (ولدي الصغير، عندما تكبر وتصبح شاباً وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت، ليس لدي ما أقوله أكثر من إني بريء وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفتخر بأبيك وتحكي القصة لأصدقائك).
يعتبر الأول من أيار إجازة رسمية في العديد من البلدان العربية- بما فيها سورية– والأوروبية وفي أمريكا اللاتينية والعديد من دول أسيا. حيث يقوم العمال بمعظم دول العالم بالمظاهرات والاعتصام والإضرابات رافعين الأعلام الحمراء كرمز للحركة العمالية وإشارة إلى مطالبة العمال بالعدالة الاجتماعية وهي: رمز لوحدة وتضامن العمال على الصعيد العالمي. لقد أدرك العمال أن اتحادهم ونضالهم ضد الرأسماليين من خلال الإضرابات والاعتصام والمظاهرات هو الطريق الوحيد لتحسين شروط عملهم ومعيشتهم وحقوقهم الديمقراطية.
بدأ تكوُّن الطبقة العاملة في سورية بدخول الرساميل مع دولة الاحتلال الفرنسي إلى سورية بشكل متزايد، وخاصة في البنوك والكهرباء والمرافئ والخطوط الحديدية إضافة إلى الريجي واستثمارات أخرى مختلفة. وأخذ يتبلور الوعي الطبقي للطبقة العاملة وفهمها لترابط الاستغلال الطبقي والاضطهاد الاستعماري بالتدريج مع نمو روحها النضالية، رغم أن ظروف نشأتها لم ترتبط بسقوط الإقطاعية وصعود البرجوازية كما حدث في البلدان الرأسمالية، بل كان نشوءها مرتبطاً بأهداف ومصالح الدولة الاستعمارية التي احتلت البلاد تحت يافطة الانتداب.
تشكلت أول نقابة عمالية عام 1924 لعمال النسيج، وقد قام العمال بالعديد من الإضرابات والاعتصامات في مختلف أنحاء المدن التي كانوا يتواجدون فيها، غير أننا لا نستطيع تعدادها بهذه الفسحة الصغيرة على أهميتها ودورها في زيادة وعي الطبقة العاملة الناشئة، منها: إضراب عمال النسيج في حلب عام 1912 الذي شارك فيه نحو 40 ألفاً بين عامل وحرفي مطالبين بتحسين أجورهم. وفي عام 1921 قام العمال بتنفيذ إضراب وتحول إلى عصيان مدني لمدة تقارب ثلاثة الأسابيع شمل عدة مدن في البلاد تنديداً بالاحتلال الفرنسي، كما سبق هذا الإضراب اعتصام لعمال الحط الحديدي في حلب رياق عام 1920 استمر حوالي أسبوع. كما شهدت البلاد بين عامي 1943–1946 إضرابات عديدة مختلفة، منها: الكبيرة والمحدودة استطاع خلالها العمال الحصول على زيادة أجورهم.

التأسيس

لقد كانت ذروة نشوء العديد من النقابات العمالية في مختلف المدن السورية بين عامي 1924–1938 في دمشق وحلب واللاذقية وحمص وحماة والمدن الأخرى التي تواجد فيها العمال، حيث توِّج ذلك بالمؤتمر التأسيسي لاتحاد العام لنقابات سورية في أوائل عام 1938، الذي كان يعبِّر عن وحدة الطبقة العاملة في نضالها الطبقي ضد الاستغلال والاستعمار، ويمكن أن نلخص برنامجه بمطالبه التي تجلت: - تحديد ساعات العمل. – دفع الأجور في مواعيدها وزيادتها. – الإجازات السنوية للعمال والراحة الأسبوعية مدفوعة الأجر. – ضمان الحريات النقابية للعمال. وغيرها من المطالب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
911
آخر تعديل على الإثنين, 29 نيسان/أبريل 2019 14:08