بصراحة: العد التنازلي بدأ
الحكومة في جلستها الأخيرة اتخذت مجموعة من القرارات المتعلقة بعملها، وضرورة الارتقاء به للوصول إلى بيئة بعيدة عن الفساد، كما جاء على موقع رئاسة الوزراء، وهذا ليس كل شيء، بل أضاف الموقع في تقريره عن الاجتماع: أن الحكومة قررت تطوير عمل المؤسسات الحكومية، وقررت أيضاً إعداد مشروع لإلغاء الاستثناءات كافة في التشريعات والقوانين التي تخول أصحاب القرار اتخاذ خطوات قابلة للتأويل، ووضعت لإنجاز ذلك مدة زمنية قدرها ثلاثة أسابيع.
واضح أن برنامج الحكومة واسع ومليء بالعمل لإنجاز تلك القرارات، والعداد بدأ بالعد حسب الزمن المعطى لإنجاز ما لم ينجز، وإنجازه يحتاج لإجراءات وتشريعات وتصويت وموافقات... إلخ.
منذ عام 2012، أي: منذ صدور الدستور الذي نص على ضرورة تعديل القوانين كافة بما يتوافق ومواد الدستور خلال ثلاث سنوات، والحكومات المتعاقبة على موقع رئاسة الوزراء جميعها طنشت ما هو مفروض عليها إنجازه دستورياً، فكيف سينجز خلال ثلاثة أسابيع كل هذا المتراكم من القوانين والاستثناءات المحشوة بها، والتي كان لها الدور الكبير في المرور عبرها لكل أشكال وأنواع الفساد الكبير الذي راكم مليارات الليرات التي هي حق للشعب السوري، كان من الواجب على الحكومات صرفها بما يحقق حاجات أغلبية الشعب الذي يعيش الآن تحت خط العوز والفقر والحرمان من أبسط حاجاته، والأزمات تلاحقه في كل تفاصيل حياته اليومية.
إن اتخاذ إجراءات تحسن من واقع حال أغلبية الشعب السوري هو ضرورة قسوى، ولكن ما هي الأدوات التي بين يدي الحكومة من أجل تمكينها من عملية التحسين المفترضة التي تعلن عنها ليل نهار، هل تعديل القوانين بالرغم من أهمية ذلك كافٍ ليقتنع المواطن أن حياته ووضعه سيتحسن؟ إن القوانين تحتاج لمن يحميها ويدافع عنها ويجعلها قابلة للتنفيذ، وهذا يعني أن يكون أصحاب المصلحة في ذلك يمتلكون أدواتهم في الدفاع عن مصالحهم، ويمكن أن نضرب مثلاً واحداً على ذلك، وهو: قوانين العمل التي تحوي موادها على عشرات الاستثناءات تحت صيغة يجوز، هل سيتمكن العمال من حماية هذه القوانين بعد تعديلها من حالة التجاوز عليها من أرباب العمل، سواء الحكومة أو القطاع الخاص؟ والعمال مقيدون بحركتهم ولا يملكون إلى الآن ما يمكنهم من الدفاع عن حقوقهم الكثيرة وفي مقدمتها الأجور!