القطاع غير المنظم بوابة للاستغلال /2/
تقدر نسبة العاملين في القطاع غير المنظم بحوالي 60% من قوة العمل العاملة في سوق العمل، منها حوالي 56% يعملون في قطاع الزراعة حسب تقديرات منظمة العمل العربية والمركز السوري لبحث السياسات لعام 2002 و 2010 ويتضمن القطاع غير المنظم إضافة إلى ما ذكرنا آنفاً العديد من الأنشطة الاقتصادية وهي:
- قطاع الخدمات: منها خدمات النقل المختلفة من سائقي حافلات نقل الركاب الجماعي الخاصة المختلفة داخل المدن وبين المحافظات، وسائقي التاكسي العامة والشخصية في المعامل والشركات، وأغلبهم لا يعرفون النقابات إلّا من خلال بعض الرسوم المفروضة عليهم عندما يريدون الحصول على وثيقة ما، أو تجديد رخصة قيادة مركباتهم، أما النقابة فهي- بالنسبة لها- مصدر دخل مالي مهم؟
تجري في هذا القطاع أعمال المضاربة والوساطة على السلع المختلفة، وكذلك أيضاً يتضمن هذا القطاع العمال الذين يعملون في الأسواق التجارية المتعددة، من ألبسة جاهزة وأقمشة ومواد غذائية وغيرها، إضافة إلى مندوبي المبيعات للشركات ووكلائها. وهؤلاء العمال لا يعرفون أية نقابة يمكن تمثلهم أو يلجؤون إليها من أجل حقوقهم وتحسين ظروف عملهم، من ساعات عمل طويلة، وأجور متدنية، وإجازات سنوية، وأعياد رسمية، ومن الجدير ذكرهم أيضاً عمال القطاع الصحي في المشافي والمراكز الصحية الخاصة وعمال شركات النظافة الخاصة أيضاً.
- قطاع البناء والإنشاء: ويتضمن هذا القطاع عمالاً يمارسون مهناً عديدة منها: الدّهان والكهرباء، وعمال الصحية وعمال الحدادة والنجارة، إضافة إلى أعمال الباطون المختلفة من طيانة وغيرهم، وهؤلاء العمال ليسوا أفضل حالاً من عمال النقل، فهم لا يسجلون أو ينتسبون إلى النقابة إلّا عندما يريدون الحصول على شهادة مهنية، وينتهي تواصلهم مع النقابة بانتهاء حصولهم على هذه الشهادة، وكذلك النقابة ينتهي تواصلها معهم بتسديد العامل رسوم الانتساب المطلوبة، وأصبح رقماً في تعداد النقابة.
- العمالة الموجودة في القطاعات الخاصة المنظمة، والتي لا يتم التصريح عنها للجهات المعنية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وغير مسجلين لدى التأمينات الاجتماعية والتنظيم النقابي إن وجد في هذه الشركة أو تلك.
لقد شهد القطاع غير المنظم توسّعاً كبيراً في أواخر القرن الماضي، وذلك مع البدء غير المعلن باتجاه سياسات اقتصاد السوق الليبرالية، وازداد انتشاراً وتضخماً مع الإعلان وتطبيق هذه السياسات بشكل واضح وصريح، وبدأت الحركة النقابية تفقد دورها الوظيفي اتجاه حقوق العمال عندما رفعت شعار نحن والحكومة فريق عمل واحد، مما عمق الفجوة التي يجب ردمها بين العمال والنقابات، وذلك بعودة النقابات إلى دورها الوظيفي الحقيقي بالدفاع عن حقوق العمال كافة، سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص المنظم وغير المنظم.
لا شك أن معرفة القطاع غير المنظم وإدماجه وتنظيمه ضمن الاقتصاد الوطني، تعتبر من المهام الأساسية لبناء اقتصاد حقيقي ينهض بالمجتمع ويرفع نسبة النمو التي ستنعكس في كل مجالات الحياة في البلاد. ومن المفروض أن يكون للحركة النقابية دور محوري، وهي تستطيع أن تلعبه إن أرادت من خلال: - المساهمة في سن التشريعات التي تحمي العاملين في القطاع غير المنظم تمهيداً لتحولهم إلى قطاع منظم. - تنظيم العمال في هذا القطاع وتمثيلهم تمثيلاً حقيقياً والدفاع عن حقوقهم ومطالبهم باستخدام كل الأدوات النضالية الضرورية، التي ضمنها وصانها الدستور وأقرتها مواثيق العمل الدولية والعربية، وهذا يساهم في توعية العاملين في القطاع غير المنظم والمنظم أيضاً، ويشجعهم على الانتساب إلى النقابات ويسهل عملية الاندماج في القطاع المنظم عندما يرى العمال هذا الدور الذي تلعبه النقابة من أجل حقوقهم.