حماية الحق في العمل
تحدثنا في العدد السابق عن حقّ العمل وإقرار هذا الحق بالدستور، وكيف عبرت القوانين النافذة عن هذا الحق. والسؤال: هل البطالة تعتبر خرقاً وانتهاكاً لحق العمل؟
إن التزام الدولة بموجب الدستور بحقّ العمل الذي يقع على عاتقها يتطلب ليس فقط ضمان إمكانية كل فرد في سوق العمل بتأمين الكسب، بل حمايته واحترامه، وبمعنى آخر يجب عليها أن تحمي فرص العمل من الدمار على أيدي الغير(أي: القوى التي تعمل بالفساد والنهب الكبير في الدولة وخارج الدولة) وذلك بتوفير الفرص الضرورية واللازمة لطالبي العمل، أي تلبية حاجات سوق العمل كافةً من الأعمال الضرورية التي تساهم في نهوض المجتمع، وتعمل على استيعاب قوة العمل كافة الموجودة في السوق، من خلال خططها وبرامجها العامة سواء لقطاع الدولة أو القطاع الخاص. إذاً فالقضاء على البطالة من الواجبات الأساسية التي يجب العمل عليها، فالبطالة تعتبر أحد أشكال الخرق والانتهاك للحق في العمل.
وهناك العديد من الحقوق المرتبطة بحق العمل، وهي مرتبطة به ارتباطاً وثيقاً، وتكفل حماية العامل بالعمل، ولا بدّ من توفيرها وضمانها أيضاً منها: *-صون وحماية كرامة العامل في العمل، وذلك بإزاحة كل أشكال الظلم والحرمان عن العامل، وذلك بتوفير الشروط الإنسانية للعمل ومنع السخرة وأشكال العبودية والتسلط بكل أشكاله. *- حق الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي. إن حماية التنظيم لا تعني التدخل في شؤونه وأعماله وأدوات نضاله المختلفة، بل حمايته من خلال القوانين وتسهيل عمله في التنظيم والمفاوضات الجماعية واستقلاليته في قراراته وأشكال الدفاع عن حقوق العمال. *-الحق في الأجر الكافي، وهو الحد الأدنى للأجر الذي لا يقل عن الحد الأدنى لمستوى المعيشة، وهنا يتبادر إلى الأذهان: كيف نحدد هذا الحد الأدنى، وما هي آلية احتسابه؟ والسؤال الأهم: هل النقابات استطاعت أو قادرة أن تحدد وتحتسب هذا الحد الأدنى؟ وعندما تطالب بزيادة الأجور ما هي النسبة التي يجب أن تطالب بها؟ وهل هذه النسبة تحقق كرامة العامل في الأجر الكافي له ولأفراد أسرته؟ لذلك لا بد من إيجاد تلك المعايير الضرورية التي يتم على أساسها احتساب هذا الأجر والتي منها: 1- السعرات الحرارية التي يحتاجها العامل يومياَ له ولأفراد أسرته، وبالتالي يجب احتساب معدل الإعالة في المجتمع. 2- حاجة العامل من استهلاك الملابس.3- قيمة الوقود والطاقة التي يحتاجها أيضاَ من إضاءة وتدفئة وغير ذلك. 4- تكاليف السكن وتعليم الأطفال والطبابة وغير ذلك من متطلبات الحياة الضرورية. *-حق اختيار العامل العمل الذي يريد بحرية من خلال إمكاناته الفنية والتعليمية. *-الحق في ساعات عمل محددة يكفلها القانون. *- الحق في الراحة الضرورية والإجازة السنوية مدفوعة الأجر. *- حق المساواة في المعاملة وعدم التمييز بكل أشكاله إلا حسب الكفاءة في العمل والإنتاج. *- حق تأمين ظروف العمل الآمنة وظروفٍ صحية مستوفية لعناصر الأمن الصناعي والسلامة المهنية. *- حق العمال بالإضراب. وهو من أهم الحقوق الضامنة لحق العمل، والتي انتزعها العمّال في تاريخ نضالهم في الكثير من الدول، وما زال العمال يناضلون لانتزاعه في كل البلدان المحرومة منه. *- حق المساواة بالأجر في الأعمال المتساوية. أقرت القوانين النافذة مبدأ المساواة في الأجر حسب فئات التعيين، إلّا أنّ التفاوت بالأجر مازال واقعاً قائماً وبشكل أساسي نلاحظه في التمييز بالأجر في القطاع الخاص، وخاصة في عمل النساء. أما مفهوم الأجر حسب الفئات، أو التحصيل العلمي له نقاش آخر، فهو لا يأخذ بعين الاعتبار احتساب الأجر حسب طبيعة هذا العمل أو خطورته وما إلى ذلك في أساس الأجر، وما يتبع ذلك من غُبنٍ للعامل في التأمين الاجتماعي. هذه بعض الحقوق المرتبطة بحق العمل التي يجب أن تتوفر وتصان في الدستور والقوانين الخاصة بالعمل النافذة. ومن واجب الدولة تأمينها وتقديم المستلزمات الضرورية كافة لأجلها، الفنية منها والتشريعية. كذلك أيضاً من الواجب حماية هذه الحقوق والدفاع عنها باستمرار وتحسين شروط وظروف العمل، وهذا يقع على عاتق التنظيم النقابي باعتباره أي: التنظيم النقابي يعتبر الممثل الرئيس للعمال، وهو من المفروض أن يكون الأكثر وعياً وقدرة على تنظيم صفوف العمال لتحصيل هذه الحقوق إن فقدت، وهي بأغلبها مفقودة وضائعة من حقوق العمال.