أعمارنا ملك لنا!
هل من المفيد رفع سن التقاعد إلى 65عاماً؟ رفع سن التقاعد ضرورة اقتصادية واجتماعية، لعدم حدوث فجوة في الخبرات في مرحلة إعادة الإعمار وبما يفيد توفير مبالغ على مؤسسة التأمينات الاجتماعية، تحت هذه الحجج تداولت بعض وسائل الإعلام المحلية هذا المقترح الذي ينطوي على حقيقة أن الحكومة تنوي بالفعل رفع سن التقاعد للعمال والموظفين في الدولة، ولكنها تمهد له إعلاميا الآن. وهذا السلوك عودتنا عليه حكومتنا حين تصدر قوانين إشكالية.
حجج وهمية
قبل الخوض بالحجج التي أوردتها الصحيفة لرفع سن التقاعد فإن هذا الرفع يعد هجوماً جديداً على حقوق الطبقة العاملة ضمن سلسلة هجمات طالت حقوق العمال في السنوات الماضية، وأوصلتهم إلى الحالة المأساوية التي هم فيها، والمطلوب منهم اليوم تقديم ما بقي من أعمارهم لخدمة رأسمال المال.
لأن رفع سن التقاعد إلى 65 عاماً يعد من الإجراءات التقشفية التي تستخدمها الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية، ولكن هذه الإجراءات في الأنظمة الليبرالية دائماً تكون على حساب الطبقة العاملة دون المساس بالأموال المنهوبة التي تذهب إلى جيوب الفاسدين، وبالامتيازات التي تقدم لأصحاب الربح والتي تزيد من أرباحهم.
فالدول التي تريد أن تذهب إلى إجراءات تقشفية حقيقية عليها أن تتبع خطة طوارئ اقتصادية تعيد من خلالها دور الدولة إلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتقلص دور القطاع الخاص لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تمر بها نتيجة للأزمة اقتصادية التي تعانيها، وعليها إضافة إلى ذلك مكافحة الهدر والفساد و التهريب والتهرب الضريبي وتأميم الشركات الاقتصادية الهامة ذات المردود العالي كالنفط والاتصالات والنقل والمرافئ والمطارات والجامعات لما توفره للخزينة العامة من سيولة مادية، ولتوجيه الاستثمار نحو الإنتاج الحقيقي الزراعي والصناعي.
إنقاذ التأمينات يكون باسترداد ديونها
الحديث عن أن رفع سن التقاعد سيوفر مبالغ على مؤسسة التأمينات الاجتماعية فهذا ليس حلاً بكل تأكيد فإنقاذ المؤسسة التي دخلت في أزمة مالية نتيجة استهتار الحكومة بأموالها عبر الاستدانة منها حيث وصلت ديون المؤسسة على الحكومة إلى 300 مليار ليرة ولم تسدد إلى الآن، هذا عدا عن اشتراكات العمال المستحقة للمؤسسة من القطاعين العام والخاص والتي بلغت 40 مليار ليرة، والتي تقتطع من رواتب العمال دون تحويلها إلى حساب المؤسسة، ولا ننسى أن الحكومة تصدر كل عام مرسوماً يقضي بإعفاء أصحاب المنشآت الاقتصادية من فوائد الديون المتراكمة عليهم للمؤسسة، إضافة إلى تحميل المؤسسة نفقات زائدة، مثل: تعويض المعيشة للمتقاعدين والذي يجب أن يدفع من الخزينة العامة لا من التأمينات الاجتماعية لأن سبب رفع الدعم والأسعار عن المواطن هي الحكومة نفسها.
قانون العاملين ضمن هذه الحالات
عن ضرورة تمديد سن التقاعد إلى 65 للاحتفاظ بالخبرات باعتبارها ضرورية في مرحلة إعادة الإعمار، فإن قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004 قد نص على هذه الحالات في المادة 132 منه والتي نصت: (على أنه يجوز في حالات الضرورة بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على طلب العامل واقتراح الوزير المختص تمديد خدمة العامل بعد إتمامه الستين من العمر لمدة سنة قابلة للتجديد حتى خمس سنوات على أبعد حد) وبذلك يكون القانون قد سمح بتمديد خدمة أصحاب الخبرة بناء على رغبتهم واقتراح الوزير المختص ولا داعي لشمول جميع الموظفين في الدولة بشكل عام بحجة الاحتفاظ بالخبرات.
ماذا سيكون رأي النقابات في حال أقدمت الحكومة على رفع السن التقاعد إلى 65؟ هل ستعترض وتقف مع القانون ومصلحة العمال أم ستكتفي برفع شعار نحن والحكومة شركاء كالعادة؟