بصراحة: إجراءات محلولةٌ مفاصلها
الوضع المعيشي المتردي، لم تعد تجاريه كل الأرقام والدراسات التي يصدرها الدارسون العالمون ببواطن الأمور وبظواهرها، فقد أصبح ذاك الوضع من السوء والتردي لدرجة أنه لم تعد تنفع لحله كل الحلول الترقيعية التي تطرحها الحكومة كمخرج من زنقتها، التي تزداد كل يوم مع تعمق دور الفساد والنهب الكبيرين، اللذين لم يبقيا من الثروة المنتجة ما يسد رمق الفقراء والمساكين وأبناء السبيل.
فالحكومة، في حلولها لمسألة الوضع المعيشي، تؤكد على مشروعية الدور الذي تقوم به تلك القوى، طالما لم تذهب بحلولها إلى مكامن الثروة المنهوبة كيما تكون التوجهات المطلوبة شعبياً للوضع المعيشي تلبي حاجاتهم الضرورية. ولكن آخر هم الحكومة أن يكون صوت الشعب مسموعاً، والمقصود بهم فقراء الشعب من عمال وفلاحين وحرفيين وكل من يعمل بأجر.
الحكومة تجتمع وتأخذ قرار الإقراض للموظفين حصراً، ومبلغ القرض 50 ألفاً يسدد على مدار عشرة أشهر بدون فوائد! ولكن السؤال: هل الموظفون وحدهم المكتوون بنار الأسعار؟ وباقي الفئات ماذا بخصوصها؟ أليس لديهم طلاب مدارس يحتاجون لمستلزمات، وكيف سيؤمن ذووهم ما هو مطلوب منهم لشراء المستلزمات المدرسية والتكاليف الأخرى المترتبة عليهم؟.
أليس هذا حلاً ترقيعياً لمسألة كبرى تخص الملايين من السوريين؟.
جاء على موقع صوت عمالي، اقتراح يطالب كاتبه، بصفته «خبيراً اقتصادياً»، عوضاً عن زيادة الأجور التي يطالب بها الملايين من العمال في القطاعين الخاص والعام، وكذلك كوادر الحركة النقابية، إلى تفعيل دور مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية من أجل التحكم بالأسعار، وهذا سيؤدي حسب رأي «الخبير» إلى نتيجة أفضل مما لو زادت الحكومة الأجور 100%!
والسؤال إزاء هذا الطرح: هل الحكومة متحكمة بالأسواق من حيث استيراد المواد الأساسية وتسعيرها وتوزيعها، حتى يمكن التأثير في سعر البضائع؟ أم أن حفنة من التجار هم المتحكمون بكل شيء حتى بنسبة الأكسجين الذي يتنفسه الفقراء؟
ويمكن أن يكون مثالاً فاقعاً بهذا الخصوص: أن الحكومة هي المنتج الوحيد للمشتقات النفطية والموزع الوحيد لها، ومع ذلك زادت أسعارها أكثر من مرة، وهي بالتالي لعبت دوراً أساسياً في رفع وزيادة أسعار كل ما هو مرتبط بالمشتقات النفطية، من الإنتاج إلى النقل وغيرها من القضايا، وهي التي سمحت بوجود سوق سوداء عبر إجراءاتها تلك، تتحكم بالأسعار داخلياً وتهرب ما تستطيع تهريبه خارجياً، وهو كثير! فلماذا لم تتحكم بالأسعار بعد رفعها لسعر المشتقات النفطية؟.
إن ما جاء في مقالة «الخبير الاقتصادي» يصبّ في خانة الحلول الترقيعية التي تقدمها الحكومة، ولا يجوز للنقابات تبنيها على موقعها، لأن وجع الشعب معروف ومصدره معروف. فكيف السبيل لرد الوجع من مصدره؟
الشعب يعرف ذلك أيضاً!