تغير بنية الطبقة العاملة في الجزيرة
تعتمد منطقة الجزيرة على الاقتصاد الزراعي بشكل أساسي، ويتوقف على العمل الزراعي بقية النشاط الاقتصادي بشكل أو بآخر. باستثناء بعض القطاعات الصناعية التي لم تغيّر من بنية الجزيرة الزراعية.
حملت سنوات الأزمة 2011- 2018، بعض التغييرات إلى البنية الاقتصادية الاجتماعية للطبقة العاملة في منطقة الجزيرة، وصبغت معظم الأعمال بطابعها المؤقت. توقفت فئات من العمال قسراً عن العمل، وحدث نزيف في الفئات الأخرى، كما ظهرت فئات جديدة من العمال. أي: حدثت خلخلة اجتماعية في البنية لم تنتهِ بعد.
ماهي التغييرات التي حدثت في بنية الطبقة العاملة الجزراوية؟ وما هي الفئات العمالية الجديدة التي ظهرت؟
العمال الزراعيون
يعمل الآلاف في العمل الزراعي، ولا توجد نقابة تحمي حقوق العمال الزراعيين أو إحصاءات دقيقة لعددهم، وتعد هذه الفئة من أقدم فئات الطبقة العاملة في الجزيرة، ارتبط نشوؤها بزراعة القمح والقطن ومحاصيل أخرى ودخول الآلة إلى العمل الزراعي ونشوء الرأسمالية الزراعية محل الاستثمار الإقطاعي.
كانت هذه الفئة منظمة في نقابة تعتبر أكبر نقابة عمالية في سورية منتصف الخمسينات «10 آلاف عامل» وامتدت إضراباتها التي شلّت أعمال الحصاد من الجزيرة إلى الرقة ودير الزور وحلب قبل أن تحلّ النقابات منتصف السبعينات.
همشت قوانين الزراعة هذه الفئة خلال أربعة عقود، وطحنتهم السياسات الليبرالية عشية الأزمة مثل: قانون العلاقات الزراعية وسياسات تدمير الزراعة والتسريح من العمل بلا حماية.
تأسست خلال سنوات الأزمة مجموعة من التعاونيات الزراعية الكبيرة، وبلغت مساحة تعاونية الحسكة 20 ألف دونم وتعاونية معبدة 100 ألف دونم وغيرها من التعاونيات في بقية المناطق.
جمعت هذه التعاونيات أعداداً كبيرة من اليد العاملة الزراعية في مكان واحد ضمت العمال الزراعيين وصغار ملاكي الأراضي، ولم تخرج طريقة تشغيلها عن الأسلوب الرأسمالي، لذلك من الممكن أن تكون هذه التعاونيات مسرحاً للإضرابات القادمة في الجزيرة، ومن الممكن أن ينطلق من مناطق تجميع الأعداد الكبيرة للعمال الزراعيين الصراع الحقيقي في منطقة الجزيرة.
انقسم العمال الزراعيون في الجزيرة نتيجة هذا التغيير إلى قسمين: القسم الذي يعمل بالشكل القديم في زراعة القمح والقطن وحصاد المحاصيل. وقسم عمال التعاونيات الزراعية الذين هم أقرب إلى الشكل الحديث للعمل الزراعي ووعيهم أقرب إلى التنظيم النقابي.
عمال سكك الحديد
نشأت فئة عمال بناء السكك الحديدية لأول مرة في سورية والشرق مع دخول الرأسمالي الأجنبي عام 1903 ومد خط حديد برلين- بوخارست- بغداد «قطار الشرق السريع» والخط الحديدي الحجازي 1908. ويذكر أن أول إضراب عمالي حدث في القرن العشرين كان بين عمال سكك الحديد في سورية ولبنان 1917- 1920 «خط حديد رياق- حلب».
بينما ظهرت فئة عمال السكك الحديدية في الجزيرة بعد تأسيس معهد السكك الحديدية في سورية وتنفيذ الاتحاد السوفييتي لخط حديد القامشلي- حلب عام 1979.
لغاية نهاية عام 2012 كان يعمل 500 عامل في سكك الجزيرة معظمهم منتسب للنقابة. توقف العمال عن العمل قسراً بسبب ظروف الأزمة وخروج الخطوط الحديدية السورية عن الخدمة. وترك الكثير منهم هذا العمل متوجهين إلى مهن أخرى لتأمين لقمة العيش حتى اليوم. بينما ينتظر آخرون عودة السكك الحديدية للخدمة لاستئناف العمل فيها.