الدستور وقانون التنظيم النقابي
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

الدستور وقانون التنظيم النقابي

أكد الدستور السوري الحالي الذي صدر عام 2012 على العديد من الحقوق للطبقة العاملة، وأكد على استقلالية النقابات، ولكن الدستور لم يقدم الضمانات الكافية لممارسة هذه الحقوق، فما الفائدة من نص الدستور على حرية النقابات إذا كانت الدولة تتدخل في كل أمور النقابات وتتصرف وفقاً للعقلية القديمة، وكأنها جهة وصائية على النقابات، وما يسمح لها ذلك هو قانون التنظيم النقابي نفسه؟



المادة الثامنة الجديدة لم تطبق
الدستور الحالي، نص في المادة العاشرة منه على دور المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، وعرفها بأنها هيئات تضم مواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها، وتضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية، ومشاركتها في مختلف القطاعات والمجالس المحددة في القوانين وفقاً للشروط والأوضاع التي يُبينها القانون.
انتخابات غير دستورية
بالرجوع إلى قانون التنظيم النقابي المعمول به حالياً، يتعارض هذا القانون مع الدستور الجديد وخاصة المادة الثامنة منه، التي أكدت على التعددية السياسية، وقطعت الوصاية من أية جهة على مؤسسات الدولة والنقابات. ولكن العقلية القديمة المستندة إلى المادة الثامنة سابقاً ما تزال سارية حتى اليوم، حيث تجري الانتخابات النقابية بطريقة القائمة المغلقة وبتدخل واضح من قبل جهاز الدولة والمؤسسات الحزبية، دون أن يسمح للعمال باختيار ممثليهم بشكل دستوري وقانوني، وتجري الانتخابات فقط لاختيار اللجان النقابية، أما باقي المناصب فيتم اختيار أعضائها وفقاً للانتماءات الحزبية وبما يساير سياسة جهاز الدولة بشكل غير دستوري، ويتعارض مع قانون التنظيم النقابي واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها سورية، وهو ما أضعف من دورها الأساسي والوحيد في الدفاع عن العمال ومصالحهم، وهو ما انعكس في شعارها نحن والحكومة شركاء!! شركاء في ماذا؟ لا أحد يستطيع أن يجيب عن هذا السؤال.
ووصل تدخل المؤسسات الحزبية في النقابات مؤخراً إلى فرض القرارات الحزبية على النقابيين، وإجبارهم على تقديم استقالاتهم وبشكل يتعارض مع الدستور، فكيف يمكن لحزب ما أن يجبر نقابيين من المفترض أنهم وصلوا عن طريق الانتخاب على تقديم استقالاتهم، وإذا كان هؤلاء النقابيون منتمين إلى هذا الحزب أو ذاك، وعليهم تطبيق قرارات حزبهم فبأي حق يمكن فرض هذه القرارات على المستقلين؟
من يخدم عدم تعديل القانون؟
قانون التنظيم النقابي الصادر عام 1968 صدر بناءً على أحكام قرار القيادة القطرية لحزب البعث، وبات واضحاً أن القانون يعتبر غير دستوري بعد إلغاء المادة الثامنة القديمة، ويجب إصدار قانون جديد يتماشى والدستور الجديد، ويتوافق مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية، ومن أهم أهداف التنظيم النقابي حسب القانون الحالي التي نص عليها القانون، هو: تحقيق شعارات وأهداف حزب البعث بدلاً عن تحقيق مصالح العمال، وبدون إعطاء أية حرية للعمال في تنظيم شؤونهم وانتخاب ممثليهم بطرق ديمقراطية.
وليس هناك للجان النقابية أية صلاحيات حقيقية في اتخاذ ما يلزم للدفاع عن مصالح أعضائها، بل كل ما تستطيع اللجان النقابية تقديمه هو رفع قضايا العمال للجهات الأعلى منها لاتخاذ ما يلزم، وهو ما يؤدي إلى تسويف ومماطلة لحل قضايا العمال.
كل هذا يؤكد أن قانون التنظيم النقابي بات يحتاج إلى تعديلٍ جذري بما يتماشى مع مصالح العمال، ويوصل قادة نقابيين يناضلون في سبيل تحقيق مصالح العمال فقط وليست لهم أية امتيازات، وبما يعطي الحرية الكاملة للنقابات ورفع الوصاية عنها، ويقدم الضمانات الكافية لممارسة العمل النقابي بكل ديمقراطية ويستطيع العمال إيصال ممثليهم الحقيقيين إلى النقابات؟ وبذلك فقط تعود ثقة الطبقة العاملة بالنقابات بوصفها خط الدفاع الأساسي عنهم لا مجرد وسيط بينهم وبين أرباب العمل.