ماذا بقي من عمال قطاع الدولة؟
غزل الماغوط غزل الماغوط

ماذا بقي من عمال قطاع الدولة؟

نشرت الصحافة المحلية إحصائيات أعدها المكتب المركزي للإحصاء حول خسائر الاقتصاد السوري من القوى العاملة خلال الحرب، ما يجعل هذه الدراسة المحملة بالأرقام والمعطيات المقلقة، جديرة بالتمعن والتدقيق، ولا سيما ما يتعلق بالقطاع الحكومي.

 

في التفاصيل
جاء في الدراسة: أن «الحرب التي بدأت عام 2011 تسببت بخسارة الاقتصاد لأكثر من 2,9 مليون عامل في القطاعين العام والخاص، وذلك حتى نهاية العام 2016، توزعت بين نحو 2,46 مليون مشتغل في القطاع الخاص، أي: ما يعادل 66,8% من قوته العاملة في العام 2010، وبين نحو 438 ألف مشتغل في القطاع العام، بما نسبته 32,2%».
ويتابع المصدر، أن القطاع الخاص اضطر في كثير من الأحيان إلى تسريح العمال في المنشآت المتضررة، في حين لم تقم الحكومة بتسريح الموظفين لديها، وإنما قامت بتوزيعهم على مؤسساتها في المناطق الآمنة.
أسباب مختلفة
بالطبع لا يمكن أن نغفل المسبب الرئيس لهذا التراجع والمتمثل في ظروف الحرب، وما تسببت به من تهجير الملايين إلى أوروبا ومخيمات اللجوء في دول الجوار، وكذلك الأمر بالنسبة لمن طلبوا للخدمة العسكرية، ومن قتلوا أو فقدوا أو أصيبوا، وخرجوا بالتالي من إحصاء الأيدي العاملة في قطاع الدولة.
لكن الإشارة إلى هذه الفئات المتضررة بشكل أو بآخر بفعل الحرب، لا ينفي حقيقة أن ثمة نزوحاً للعمالة ولا سيما الخبيرة من القطاع الحكومي إلى الخاص، وهو أمر تتحمل الحكومة مسؤوليته بالدرجة الأولى، فمتوسط أجور العاملين في القطاع الخاص يعادل تقريباً ضعف أجور العاملين في قطاع الدولة، وهو ما جعل الآلاف يهجرون قطاع الدولة رغم ما يمنحه من استقرار نسبي كالأجر التقاعدي والتأمين الصحي قاصدين القطاع الخاص بحثاً عن لقمة عيشهم نتيجة التردي المستمر في الوضع المعيشي وعجز الأجور عن تلبية احتياجاتهم.
دور الحكومة
رغم ذلك لا تبدي الحكومة أي تمسك بقطاع الدولة، ورغم أننا مقبلون كما يفترض على مرحلة إعادة الإعمار، إذ لا زيادة في الأجور للحد من توجه العمال للقطاع الخاص، أو هجرتهم إلى الخارج، وما مِنْ مساع ٍ لتعويض النقص الكبير الحاصل في الأيدي العاملة ضمن منشآتها، عبر التوظيف المباشر- بعيداً عن المسابقات التي أثبتت فشلها بفعل الفساد- كما لم تتخذ أية إجراءات حقيقية لإعادة تشغيل المنشآت المتوقفة جزئياً أو كلياً أو إصلاح ما دمر منها.
القطاع الخاص
أما بالنسبة لعمال القطاع الخاص فإن 52,5 % منهم طبقاً لإحصاءات عام 2016 يعملون لحسابهم الشخصي (بواقع 642 ألف مشتغل من أصل 1,22 مليون)، و6,4 % هم أصحاب عمل (بواقع يزيد على 78,2 ألف صاحب عمل) و39,9 % يعملون بأجر (488 ألف مشتغل بأجر) و1,1 % يعملون من دون أجر لدى غيرهم (بواقع يزيد على 13,4 ألف مشتغل من دون أجر).
لا مؤشرات للتعافي
من الجلي، أنّ كلاً من القطاعين الخاص والحكومي قد تضرر للغاية بفعل الحرب، لكن وخلافاً للقطاع الخاص الذي يستند إلى مجهودات فردية ويلقى دعماً من الحكومة، لا يحظى القطاع الحكومي بأي اهتمام، ولا ينال أي دعم حكومي لبناء ما دمرته الحرب، ولا لإعادة دوران عجلة الإنتاج أو إصلاح خطوط الإنتاج المتضررة أو المتهالكة، ويصب ذلك كله ضمن هدف واحد يتجلى في: إبقاء القطاع العام في حالة من الفوضى والخسارة تمهيداً لخصحصته بحجة عجزه عن تحقيق الأرباح.