مقترحات خجولة
اقترحت النقابات منذ فترة، رفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثين ألف ليرة سورية فقط مع العلم أن جميع الإحصائيات تبين أن الحد الأدنى للمعيشة اليوم هو بحدود 300 ألف ليرة سورية، فما الذي دفع النقابات للمطالبة برفع للحد الدنى أقل ما يمكن أن يقال عنه: أنه خجول ولا يلبي متطلبات المعيشة اليوم، بل يعطي نتائج عكسية تضر بالنقابات أولا عبر إعطاء اشارات إلى الطبقة العاملة أن النقابات غير معنية بمستوى معيشتهم.
النقابات
لا تملك القوة للضغط
هذه المطالبات برغم من أنها خجولة، إلا أن الحكومة لم ولن تستجيب لها لوقوفها بشكل كامل إلى جانب قوى رأس المال، ولمعرفة أصحاب القرار بضعف النقابات، وعدم قدرتها على فرض رؤيتها، وذلك بسبب بعدها عن قواعدها العمالية الحية، وبتأثيرها الضعيف وعدم امتلاكها للأدوات التي تستطيع معها محاورة الحكومة ومجابهة قوى رأس المال، ولو كانت النقابات تستخدم حقها الدستوري في الإضراب والتظاهر السلمي لاستطاعت انتزاع حقوق العمال انتزاعاً من قبل الحكومة وقوى رأس المال، ولكن مفاعيل المادة الثامنة في الدستور القديم، والتي مازالت سارية حتى الآن، والتي جرت عليها انتخابات الدورة النقابية السابقة بشكل غير دستوري، تمنع النقابات من اتخاذ موقفٍ واضحٍ وصريحٍ من تعدي الحكومة وأرباب العمل على حقوق العمال، وجل ما تملكه النقابات، هو: تدوير مطالب العمال من اجتماع إلى آخر ومن دورة نقابية إلى أخرى دون إيجاد حل جذري يخرجها من هذه الدائرة المغلقة.
لا نريد سوى تطبيق الدستور
بدلاً من أن تستعين النقابات بأرقام معينة لرفع الحد الأدنى من الآجر، كان من الأجدر أن تطالب الحكومة بتطبيق نصوص الدستور، وخاصة تلك التي تنص على العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى معيشة الفرد، وتوفير فرص عمل، وعلى ضرورة ربط الأجور بالأسعار، وحماية قوة العمل باعتبارها جزءاً هاماً من العملية الإنتاجية، وهذه المطالب كلها نص عليها الدستور، وبالتالي من المفترض أنه لا خلاف عليها، ولا يستطيع أي أحد التشكيك في مشروعيتها، لأن الدستور هو القانون الأسمى في الدولة، وبالتالي تستطيع النقابات وضع الحكومة وقرارتها في خانة البطلان وعدم المشروعية وخاصة تلك التي تتحدث فيه الحكومة نهاراً جهاراً عن ربط الأجور بالإنتاج بشكل غير دستوري، وتطعن في عدم دستورية قوانين الحكومة، مثل: قوانين الاستثمار والتشاركية.
الانتخابات القادمة
فرصة أخيرة
اللحظة التاريخية مناسبة اليوم أمام النقابات للعودة إلى قواعدها العمالية عبر تبني مطالب الطبقة العاملة، وسماع صوت العمال، عبر الدورة الانتخابية القادمة، من خلال إجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية على قاعدة المادة الثامنة الجديدة، ومطالب العمال بالإضافة إلى أنها مطالب إنسانية فهي تمتلك اليوم الشرعية الدستورية، والإضراب سلاح الطبقة العاملة الوحيد، هو حق دستوري لأول مرة في تاريخ سورية، وأوضاع الطبقة العاملة وصلت إلى حد مزرٍ جداً نتيجة قوانين العمل، التي أصدرت لصالح أرباب العمل وانخفاض مستوى المعيشة العمال، عدا عن التهجير والدمار الذي لحق بمنازلهم نتيجة الحرب وسرقة وتعفيش منازلهم من قبل قوى الفساد، هذا كله، ألا يدفع بالنقابات إلى استخدام أسلحتها الدستورية بعد؟!
العمال لن يغفروا لأحد
إذا كان وضع الطبقة العاملة المأساوي اليوم لا يدفع النقابات للتخلي عن شعار: نحن والحكومة شركاء، فإن العمال لن ينسوا هذا الشعار أيضاً في المرحلة القادمة، وسيحاسبون النقابات على موقفها هذا الذي اتخدته في وقت هم في أمس الحاجة لمن يدافع عنهم، ويحصل حقوقهم المهدورة، وهم يعلمون تماماً كيف يُحصّلون حقوقهم باستخدام أساليبهم النضالية المشروعة.