ماذا يريد العمال؟
تقترب الدورة النقابية السادسة والعشرون من نهايتها، دون حلول حقيقية لمطالب العمال أو حل جزءٍ من مشاكلهم المتراكمة، والتي يمكن حلها إن أراد أصحاب الحل والعقد حلها، بل ستمر هذه الدورة دون إنجاز ما تم الوعد به في بداية الدورة الانتخابية. لذلك لا بد للخروج من هذه الحالة التي إذا ما استمرت أن تفقد النقابات ثقة الطبقة العاملة فيها، وينفضون من حولها، وهذا ما تسعى إليه قوى رأسمال وممثليهم في الحكومة أي: إبعاد النقابات عن قواعدها العمالية وتفريغ النقابات من عمالها، وهذا يجردها من قواها الحية التي تمتاز بها الحركة النقابية عن سواها.
لذلك لابد للنقابات من العودة إلى القواعد العمالية، والتخلي عن شعار نحن والحكومة شركاء، وسماع صوت العمال وإعطائهم الفرصة للتعبير عن آرائهم وممارسة حقوقهم النقابية بكل حرية، وفق ما نص عليه دستور عام 2012، وما تضمنته اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وخاصة الاتفاقية رقم (87) بشأن الحرية النقابية، حيث جاء في مقدمة الاتفاقية: إن إعلان فيلادلفيا أكد على حرية التعبير، والحرية النقابية، وبما أن ديباجة دستور منظمة العمل أعلنت الاعتراف بمبدأ الحرية النقابية كأساسٍ لتحسين شروط العمل، فقد أقرت هذه المبادئ لتكون أسس التنظيم الدولي للعمل، هذا ما أكدته المادة (11) من الاتفاقية على ضرورة إلزام الدول الأعضاء باتخاذ الإجراءات الضرورية لكفالة حرية ممارسة العمال وأصحاب العمل لحق التنظيم.
مواجهة قوى رأس المال
أن تعود النقابات لمواقعها الأساسية، وهي: أن تكون قطباً وازناً عمالياً وشعبياً في مواجهة القطب الآخر، وهو: قوى رأس المال الذي تتعزز مواقعه ويزداد نفوذه بفعل السياسات الاقتصادية الليبرالية، وهذا يجعل الدفاع عن مصالح العمال وحقوقهم أمراً قابلاً للتحقيق لا أن تكون النقابات وسيطاً بينهم وبين أرباب العمل.
الاستقلالية والحقوق
هذا يتطلب من النقابات النضال والعمل على أمورٍ مهمة من الناحية القانونية، وهي:
أولاً: أن تجري الانتخابات النقابية القادمة خارج العقلية القديمة التي كانت تسير وفق الدستور السابق، والتي باتت مخالفة للدستور الجديد، وخاصة المادة الثامنة منه، وأن تكون منصةً للعمال كي يختارون من يمثلهم بكل حرية وبدون وصاية عليهم من أحد، أو تدخل من قبل جهاز الدولة بشكل مخالف لنص المادة العاشرة من الدستور التي نصت (على أن المنظمات الشعبية والنقابات.... تضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية....) وبشكل يتناقض واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي أكدت على ضرورة استقلالية النقابات وحرية العمال في تنظيم أنفسهم دون تدخل من أية جهة.
ثانياً: على النقابات مهمة النضال من أجل تثبيت استقلالية الحركة النقابية المثبتة دستورياً وتأكيد حق الطبقة العاملة بالإضراب والتظاهر السلمي، وفق ما نصت عليه المادة أربعون من الدستور، وهو السلاح الوحيد والمشرعن دستورياً والفعال بيد العمال للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم في وجه قوى رأسمال التي تملك كل شيء.
ثالثا: العمل على تعديل قوانين العمل بما يتوافق والدستور ومصلحة العمال وإلغاء التسريح التعسفي وإلغاء مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في عقود العمل وإعادة الاعتبار للمحكمة العمالية باعتبارها محكمة للعمال وليست ضدهم وتشكيل مكتب حقوقي في النقابات تكون مهمته الترافع عن العمال، أو تقديم المشورة القانونية المجانية لهم، وإعادة تفعيل اللجنة الوطنية للأجور وتمثيل النقابات فيها تمثيلاً مساوياً لمنظمات أرباب العمل، لا أن تكون مجرد شاهدٍ على القرارات أو لإعطاء شرعية لقراراتها فقط، ولا نريد تعديلاً لقوانين العمل بشكل يتناسب ومصالح قوى رأسمال، كما يجري عادة وبشكل يزيد من هضم حقوق العمال، وتجاوز الدستور واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها سورية.
رابعاً: الدفاع عن مؤسسة التأمينات الاجتماعية باعتبارها مؤسسة خاصة بالعمال، والعمل على إعادة أموالها وحمايتها من الإفلاس، وتعديل قانون التأمينات بما فيه مصلحة للعامل وليس انتقاصاً من حقه.
اتخاذ موقفٍ واضحٍ من قوانين الاستثمار والتشاركية باعتبارهما قوانين غير دستورية، تمهد لبيع القطاع العام وطرد عماله إرضاء للمستثمرين.