الشركة السورية لتصنيع العنب «الريان» في السويداء
تأسست الشركة العربية السورية لتصنيع العنب الريان في السويداء عام ١٩٦٩ بموجب المرسوم التشريعي ١٧٩٣ بطاقة إنتاجية ١٣٠٠ طن برأسمال ٢ مليون ليرة سورية، وذلك لتصنيع الفوائض من مادة العنب، وإنتاج مادة العرق والنبيذ وتنشيط زراعة الكرمة في محافظة السويداء، وقد استطاع المعمل من خلال إنتاجه كسب ثقة المستهلك، وتحقيق جودة أدت إلى انتشار منتوجاته في المحافظات كافة.
أسباب التراجع
هناك عدة أسباب لتراجع الخطة الإنتاجية للمعمل، وانعدام الثقة بين المعمل والمستهلك ومنها:
تزوير المنتج
تشكل عملية تزوير المنتج من أخطر أسباب تراجع الإنتاج، حيث تتم عملية التزوير على أيدي اشخاص امتهنوا تصنيع المشروبات الروحية، وتحمل اسم «الريان» والتي يتم بيعها بأسعار أقل من سعر المعمل، ويعود سبب الانتشار الواسع لهذه العملية، إلى قيام المعمل باستجرار عبوات زجاجية من القطاع الخاص لا تحمل دمغة الريان، مما سهل على المزورين الحصول على نفس العبوة، ومهرها بعبارة الريان وفي ما بعد تعبئتها بالمشروبات الروحية المخالفة للمواصفات القياسية وطرحها في الأسواق المحلية، في الوقت الذي كانت فيه الطرق الواصلة إلى معظم المحافظات مقطوعة جراء الحرب، وكانت أسواق هذه المحافظات مملوءة بمنتج «الريان» مع العلم أن المعمل لم يقم بتوريد أية عبوة إلى هذه الأسواق، وقد تمت مخاطبة كل الجهات المعنية من قبل إدارة المعمل، بدءاً من وزارة الصناعة وانتهاءً بالتجارة الداخلية، للعمل على معالجة هذه المشكلة، وحتى الآن لم يتم التعامل بجدية على أرض الواقع مع عمليات التزوير، التي أستمرت على قدم وساق وعلى عينك يا تاجر.
والجدير ذكره: أن عملية التزوير كانت محدودة قبل الأزمة، لأن المعمل كان متعاقداً مع معملي زجاج حلب ودمشق بغية إنتاج عبوات زجاجية ممهور بعبارة «الريان».
أسباب أخرى
يضاف إلى أسباب تراجع إنتاج المعمل وتدني مؤشراته التسويقية، ارتفاع تكاليف الإنتاج، بدءاً من اليانسون والعبوات الزجاجية والعنب والمواصلات وانتهاء بالكرتون، حيث كان يبلغ سعر كغ اليانسون قبل الأزمة 225 ل.س واليوم 1400 ل.س، أضف إلى ذلك ارتفاع أجور النقل بشكل كبير، فأجرة السيارة الواحدة إلى اللاذقية وصلت إلى 150 ألف ل.س، إضافة إلى ارتفاع أسعار العبوات الزجاجية، وارتفاع سعر العنب المراد استجراره، حيث كان يبلغ سعره 15 ل.س عام 2011، واليوم ١٢٥ ل.س للكيلو.
كل هذه الأسباب مجتمعة، بدءاً من تزوير المنتج وانتهاء بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، أرهق ميزانية وإمكانات التسويق لدى المعمل، بالإضافة إلى منافسة القطاع الخاص، لاسيما بعد أن بدأ عدد من المزارعين في السنوات الأخيرة يحجمون عن تسويق منتجهم من العنب إلى المعمل، وسبب هذا الإحجام عدم توافر السيولة النقدية لدى المعمل، واضطرار المزارعين إلى الانتظار عدة شهور للحصول على مستحقاتهم من أثمان العنب.
كما يلاحظ تراجع إنتاج المحافظة من العنب، بسبب إحجام الفلاحين عن الاهتمام بأشجار الكرمة، نتيجة لارتفاع أجور الفلاحة والتقليم والمبيدات الحشرية وأجور النقل، وزيادة الطلب على مادة العنب لدى السوق المحلية، مما دفع بالمزارعين لتسويق منتجهم في السوق وبأسعار تفوق بكثير أسعار المعمل، فمثلاً: سعر كغ العنب لدى السوق المحلية وصل إلى 250 ل.س، بينما لدى المعمل لم يتجاوز الـ 125 ل.س.
اقتراحات إدارة المعمل
اقترحت إدارة المعمل دعم منتجي مادة العنب من قبل الحكومة، لتخفيف ما تدفعه الشركة من قيمة هذه المادة، والتي تؤدي إلى ارتفاع التكاليف، ولتشجيع المزارعين على توريد منتجهم من الكرمة إلى الشركة، إضافة إلى العمل على مكافحة الغش والتزوير المنتشر بشكل واسع لدى الأسواق المحلية، والعمل على فرض ضريبة الإنفاق الاستهلاكي على منتجي مادة العرق، وذلك بما يتناسب والدرجة الكحولية ومراقبة هذا المنتج للحد من التهرب الضريبي، وباعتبار أن مادة العرق حسب المواصفات السورية يجب إنتاجها من كحول الطِّب حصراً، لذلك اقترحت إدارة المعمل أن تكون منشآت القطاع الخاص المنتجة لمادة العرق مراقبة من قبل الجهات المعنية ويتم إلزامها استخدام العنب، إضافة إلى وجوب تناسب كميات العرق المنتجة لديها مع كميات العنب المسلمة، وأية زيادة في إنتاج العرق تكون عن طريق استخدام كحول من غير العنب، إضافة إلى ذلك الطلب من الجهات المعنية تفعيل الدوريات الجمركية والتموينية على الطرق العامة، والطلب من سائقي السيارات المحملة بمادة العرق فواتير نظامية وممهورة بختم الشركة، ولاسيما عند نقل كمية تزيد عن عشرة صناديق، وباعتبار أن محافظة السويداء من المحافظات المنتجة لمادة التفاح والعنب، قدمت إدارة المعمل اقتراحاً خطياً، ولكنه نُيّم عملياً، ألا وهو إحداث خط لإنتاج خل التفاح وآخر لإنتاج الدبس، مضافاً إليهما خط لمعالجة التفل، وتجدر الإشارة أنه بعد أن تم إعداد الدراسات اللازمة الممهدة لإحداث هذه الخطوط، جرت الرياح بما لا تشتهي إدارة المعمل، وتم رفض هذا المقترح، مع العلم أن إحداث خط لإنتاج خل التفاح سيحقق قفزة نوعية للمعمل من جهة الإنتاج والتسويق، إذ وصل إنتاج المحافظة من تفاح الموسم الماضي إلى /80/ ألف طن.
لغة الأرقام
بلغت كميات العنب المسوقة في موسم 2011 /11/ ألف طن، بينما في عام 2012 وصلت الكميات المستجرة إلى /10/ آلاف طن، ولترتفع عام 2013 مرة ثانية إلى /11/ ألف طن ولتهبط بورصة الاستجرار عام 2014 إلى 2880 طناً وموسم 2015 /2200/ طن وليتراجع التسويق في موسم 2016 إلى /1600/ طن، أما الموسم الحالي فقد سجل خطه البياني لغة تصاعدية، فقد بلغت الكميات المسوقة /3700/ طن. علماً أن طاقة المعمل الاستيعابية /12/ ألف طن، وهذه الطاقة وعلى الرغم من العثرات والمطبات، كان المعمل جاهزاً دائماً لاستجرار كل ما يعرض عليه من كميات العنب.
إن خطة المعمل لهذا الموسم كانت إنتاج 1810م3 من العرق و150م3 من النبيذ، بينما أنتج المعمل فعليا ٦١٠م3 من العرق و٣٢م3 من النبيذ إضافة إلى بيع 251م3 من الكحول الطبي للمشافي، وبلغت مبيعات المعمل عام ٢٠١٦مبلغ ٩٥٧٨٠٨ مليون ليرة سورية وعام ٢٠١٧ مبلغ قدره ١١٠٦٧٨١ مليار ل.س وتبلغ أرباح المعمل الصافية لعام ٢٠١٦ مبلغ 223,394,796 مليون ل.س وعام ٢٠١٧ مبلغ ٢٩٤ مليون ل.س ونسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية لعام ٢٠١٧ من مادة العرق ٣٤% ومن مادة النبيذ ٢١%.
مطالب عمالية
يعاني المعمل من نقص في اليد العاملة من كل الفئات، بالإضافة إلى تسرب الخبرات الفنية بسبب تقاعد معظم العمال الذين لديهم خبرات، وعدم رفد المعمل بخبرات جديدة، ومعظم العمال هم من قرى بعيدة ومحرومون من وسائل نقل تنقلهم إلى المعمل ذهاباً وإياباً، مما يضطرهم للقدوم إلى العمل على نفقتهم الخاصة، ما انعكس سلباً على واقعهم المادي، وللعمال جملة من المطالب، وهي:
1_ منح تعويض الاختصاص المنصوص عنه في قانون العاملين الأساسي لمساعدي المهندسين المعينين بعد عام ٨٦ أسوة بمن عين قبلهم.
2_ منح طبيعة العمل وفق نسب القانون استناداً إلى الراتب الحالي.
3_ تعديل ورفع الحوافز الإنتاجية التي كانت تشكل نصف الراتب سابقاً، ولا تزيد عن 5% حالياً.
4_ منح الوجبة الغذائية الداعمة للعاملين على خطوط الإنتاج، على الأقل، نظراً لتعاملهم مع مواد سامة وتعرضهم للأبخرة والغازات دائماً.
5_ اعتبار الأمراض الناتجة عن روائح الكحول واليانسون أمراضاً مهنية وإصدار صك بذلك.
6_ رفع قيمة التغطية الطبية على بطاقة الميدكسا، التي تم إشراك العمال بها بحيث، تشمل الطبابة الاختصاصية.
7_ تحمل الشركة لاشتراك الميدكسا كلّه عن العاملين كافةً، وعدم تحميلهم حوالي نصف الاشتراك.
8_ السعي لتشميل أسرة العامل بالتأمين الصحي، وعدم قصره على العامل فقط.
9_ مد التأمين الصحي لما بعد التقاعد، وهو العمر الذي يحتاج به العامل للرعاية الصحية.
ما عصف ويعصف بالمعمل من عثرات خارجة عن إرادته، لم تنل من آلاته وخطوط إنتاجه وحتى عماله وإدارته، فالمتتبع لواقعه سيلحظ أنه كان ومازال صمام أمانٍ للمزارعين فيما يخص التسويق، رغم منغصاته المالية، وحالياً وبكل صراحة، بدأ المعمل يستعيد عافيته الإنتاجية، ولاسيما بعد أن ارتفعت نسب الإنتاج والمبيعات.