بصراحة الذين دفعوا الثمن
أعوام انقضت من عمر الأزمة الوطنية السورية، توضح فيها عمق الأزمة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والديمقراطية، التي دعمتها السياسات الليبرالية عبر حزمة واسعة من الإجراءات والتشريعات، حيث انقسم المجتمع تقريباً إلى طبقتين أساسيتين من حيث نصيب كل منهما من الدخل الوطني «أجور_ أرباح»، وهذا يعني من الناحية السياسية والاقتصادية، أن الأغنياء ازدادوا ثراءً ونفوذاً، والفقراء ازدادوا فقراً، وتقيدت حريتهم في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم.
تأثير الأزمة كان وما زال كبيراً على الفقراء ومنهم العمال، وهم من دفعوا فاتورة الفقر والبطالة والتشرد والتهجير من مناطقهم التي دمرتها الحرب الظالمة، وسيبقون يدفعون الفواتير الناتجة عنها لعشرات من السنين، إذا لم يحدث تعديل حقيقي في موازين القوى لمصلحة أغلبية الشعب السوري، ليمارس سلطته الحقيقية، ويمنع إعادة إنتاج الأزمة مرةً ثانية.
الطبقة العاملة السورية لها الحصة الأساس من فاتورة الأزمة المدفوعة إلى الآن، لأنها خسرت معظم مواقعها الإنتاجية، سواء في قطاع الدولة أوالقطاع الخاص، الذي خسر معظم عماله فرصتهم بالعمل بسبب إغلاق منشأتهم أو تدميرها، وأيضاً بسبب وقوع العديد من المعامل في مناطق ساخنة لا يمكن للعمال الوصول إليها، ومن هنا يمكن القول: أن فقراء الشعب السوري بعماله وفلاحيه وحرفييه لهم مصلحة حقيقية في الحل السياسي، الذي يُعاق بأشكال مختلفة من قوى لها مصلحة في استمرار الأزمة.
عندما نقول أن الحل السياسي الذي يضمن وحدة سورية أرضاً وشعباً هو خشبة الخلاص، فإن هذا يعني للطبقة العاملة، انفتاح الأفق أمامها في الدفاع عن حقوقها، ومصالحها المعبرة عن المصالح العامة لأغلبية الشعب السوري، التي جرى الهجوم عليها من خلال السياسات الليبرالية التي تبنتها الحكومات السابقة، واللاحقة قبل الأزمة وأثناءها.
إن المرحلة القادمة، سيكون طابعها الأساس، هو: العمل السياسي المفتوح على مصراعيه، وهذا يعني إعادة اصطفاف القوى المختلفة على أساس البرامج التي تطرحها حول مستقبل سورية، والشكل المفترض أن تكون عليه سياسياً واقتصادياً، حيث يتطلب من القوى الوطنية، وفي مقدمتها الحركة العمالية والنقابية، التوافق على برنامج الحد الأدنى المعبر عن مصلحة وحقوق أغلبية الشعب السوري، في مواجهة قوى الفساد الكبير، التي تحضر نفسها منذ وقت بعيد لإعادة الاستثمار السياسي والاقتصادي في مرحلة ما بعد الأزمة.