اتفاق العمل الجماعي
منذ أن بدأ العمال بتكوين نقاباتهم أصبحت هذه النقابات تفاوض بدلاً عن العمال في شروط العمل، مع أرباب العمل، أو مع منظماتهم، وذلك لأنها من المفترض أن تفاوض من موقع قوة. أي: أن التفاوض يتم بين قوتين لهما وزنهما في العملية الإنتاجية، أما العامل بمفرده فهو ضعيف اقتصادياً والأجر مصدر رزقه الوحيد، وبالتالي يفاوض من موقع ضعيف، وليس باستطاعته أن يقاوم كثيراً في المساومة على شروط العمل، وقد نص قانون العمل الجديد على هذا النوع من العقود وأطلق عليه اسم اتفاق العمل الجماعي، وخصص له المواد من (184 ولغاية 202).
تعريف اتفاق العمل الجماعي
عرفت المادة (184) من قانون العمل الجديد لعام 2010 اتفاق العمل الجماعي بأنه: «اتفاق ينظم شروط العمل وظروفه وأحكام التشغيل، وغير ذلك من الشروط التي تكفل راحة العمال وأمنهم وصحتهم، ويبرم بين نقابة أو أكثر من نقابات العمال، أو اتحاد عمال المحافظة، أو اتحاد نقابات العمال حسب الحال، وبين أحد أصاحب العمل، أو مجموعة من أصحاب الأعمال، أو منظمة، أو أكثر من منظماتهم».
خصائص اتفاق العمل الجماعي
يجب أن يكون اتفاق العمل الجماعي مكتوباً وإلا كان باطلاً، وبالتالي الكتابة هنا شرط لانعقاد العقد وليس لإثباته. ويطبق شرط الكتابة على تعديل العقد وإنهائه والانضمام إليه والانسحاب منه.
والأطراف الموقعة على الاتفاق، يجب أن تكون مفوضة بالتوقيع على العقد، كما يجب أن يعرض اتفاق العمل الجماعي على الجمعية العمومية للنقابة أو الاتحاد، وأن يوافق عليه أغلبية الأعضاء المطلقة، طبقاً لما نصت عليه المادة (186) من قانون العمل الجديد، ولا يحق للهيئة العامة للنقابة سوى رفض العقد أو تصديقه، وبالتالي لا يحق لها أن تقوم بتعديله. ومن شأن تصديق الهيئة العامة للنقابة أن يغطي العيوب السابقة في العقد، وخاصة ما يتعلق بالتفويض بالتوقيع. ويعد العقد منعقداً بعد التصديق، ولكنه غير ملزم وإنما موقوف.
ولا يكون اتفاق العمل الجماعي ملزماً إلا بعد إشهاره، ويكون ذلك بتسجيله لدى الوزارة ونشر إعلان عن هذا التسجيل في الجريدة الرسمية، فإذا رفضت الوزارة تسجيل العقد، وجب عليها أن تبلغ طالبي التسجيل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، وهذا الرفض وأسبابه، فإذا انقضت المدة ولم تقم بالتسجيل، أو الاعتراض عليه، وجب عليها التسجيل والنشر وفق ما نصت عليه المادة (187) من القانون ذاته. ويهدف التسجيل إلى إعطاء الوزارة حق الرقابة على اتفاقات العمل الجماعية، إذ أجازت المادة السابقة للوزارة رفض التسجيل لأسباب معللة. ويجوز في هذه الحالة لكل من الطرفين، طلب الحكم بالتسجيل من محكمة القضاء الإداري، وفقاً لما ذهبت إليه المادة (188) من القانون ذاته. وبعد نشر اتفاق العمل الجماعي يصبح ملزماً، وبالتالي لا يجوز لعقد العمل الفردي مخالفة ما جاء فيه تحت طائلة البطلان، إلا إذا كانت المخالفة لمصلحة العامل وفقاً لما ذهبت إليه المادة (192/ب) من القانون ذاته.
نطاق تطبيق اتفاق العمل الجماعي
أ ـ النطاق الإقليمي: ويحدده مبدئياً نص الاتفاق، وكذلك صلاحيات أطراف العقد، فإذا كانت النقابة تمثل العمال فإن صلاحياتها لا يمكن أن تتعدى حدود المحافظة، ويمكن أن يقتصر على مؤسسة واحدة في المهنة، أو جميع مؤسساتها. أما إذا كان اتحاد نقابات العمال هو الطرف في العقد، فيمكن أن يشمل تطبيق العقد القطر بأكمله. وإذا تعاقد اتحاد نقابة مهنة معينة مع غرفة تجارة في محافظة معينة، فإن العقد يقتصر على حدود تلك المحافظة وعلى عمال تلك المهنة.
ب ـ النطاق الزمني: يتبين من نص المادة (193) من قانون العمل الجديد أن اتفاق العمل الجماعي يبرم لمدة محددة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو المدة اللازمة لتنفيذ مشروع معين. ويتوجب على طرفي الاتفاق سلوك طريق المفاوضة الجماعية من أجل تجديده، قبل انتهاء مدته بثلاثة أشهر. وفي حال انقضاء هذه المدة من دون الوصول إلى تجديد للاتفاق يمتد العمل به مدة ثلاثة أشهر، ويستمر التفاوض من أجل تجديده.
الأشخاص الذين يطبق عليهم اتفاق العمل الجماعي
أحكام المواد (187) و(189) و(190) و(196) من قانون العمل الجديد نصت على أن أحكام اتفاق العمل الجماعي تسري على الشخصيات الطبيعية والاعتبارية الآتية:
أ ـ نقابات العمال واتحادها، وأصحاب الأعمال، أو المنظمات الممثلة لهم الذين يكونون طرفاً في الاتفاق وقت إبرامه، أو ينضمون إليه بعد إبرامه، وكذلك الاتحاد أو النقابات التي تحل محل الاتحاد والنقابات المتعاقدة، ومن يحل محل أصحاب الأعمال المتعاقدين.
ب ـ العمال المنضمون إلى نقابة تكون طرفاً في اتفاق العمل الجماعي، أو إلى نقابة تكون قد انضمت إليه بعد إبرامه. ويبقى هؤلاء العمال خاضعين لأحكام اتفاق العمل الجماعي طوال مدته، ولو انسحبوا من عضوية النقابات قبل انتهاء المدة.
ج ـ جميع عمال المنشأة التي أبرمت عقد عمل مشترك مع النقابة، ولو لم يكونوا أعضاء في النقابة، بشرط ألا يقل عدد العمال المنتمين إلى النقابة عن نصف عدد عمال المنشأة وقت إبرام العقد، وذلك فيما يتعلق بنصوص اتفاق العمل الجماعي، التي تكون أكثر فائدة للعامل من عقد العمل الفردي.
مؤيدات الالتزام
باتفاق العمل الجماعي
أ ـ عدم سريان كل شرط في عقد العمل الفردي مخالف لاتفاق العمل الجماعي ما لم يكن أكثر فائدة للعامل (المادة 192 من قانون العمل الجديد).
ب ـ يحق لكل من طرفي اتفاق العمل الجماعي، ولكل ذي مصلحة من العمال أو أصحاب العمل المطالبة بتنفيذ أحكامه، وفقاً لما جاء في المادة (197) من قانون العمل الجديد. ويمكن المطالبة بالتعويض عن العطل والضرر في حال مخالفة أحكام اتفاق العمل الجماعي، وبالتالي هناك نوعان من الدعاوى:
ـ دعوى فردية: وهي حق لكل موقع على الاتفاق، أو لكل منتسب إلى نقابة أو هيئة وقعت على الاتفاق، أو انضمت إليه، وتوجه ضد الهيئة أو النقابة التي تشكل الطرف المقابل.
- دعوى جماعية: وهي حق للهيئات والنقابات الموقعة على العقد أو المنضمة إليه.