تعديلات على قانون العمل (2)
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

تعديلات على قانون العمل (2)

لا بد أن يكون هناك قانون عمل واحد يشمل العمال جميعهم في القطاعات المختلفة ففي النهاية العمال جميعهم يعملون في ظروف وشروط عمل متشابهة، ويعيشون في المستوى المعيشي نفسهِ تقريباً، ويكون عادة لكل قطاع نظامه داخلياً يراعي خصوصيته، فوجود عدة قوانين، عمل الهدف منه فقط تفريق مطالب العمال، وتشتيت نضال الطبقة العاملة.

كما لابد من إلغاء استثناء فئات معينة من قانون العمل، فكل عامل بأجر، ومهما كانت طبيعة عمله، يجب أن يُشمل بأحكام قانون العمل وقانون التأمينات.

إلغاء مبدأ العقد شريعة المتعاقدين 
مبدأ سلطان الإرادة والحرية التعاقدية، التي أخذ بها المشرع السوري في نطاق عقود العمل، تركت العامل الطرف الضعيف اقتصادياً في علاقة العمل، وحيداً في مواجهة صاحب العمل، الذي يملك المال والنفوذ والمجتمع، معتبراً أن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين سيؤسس لعلاقة متوازنة بين طرفي العلاقة الإنتاجية، مانعاً بذلك القانون والقضاء من التدخل في عقود العمل وفي تنظيم شروطه، ولكن إذا نظرنا إلى ظروف العامل وحاجته إلى العمل، والتي تدفعه إلى التعاقد مع صاحب العمل، وبشروط صاحب العمل دون أن يكون له الخيار في تعديلها، لأمكن اعتبارها من حالات الإكراه التي تغيّب الإرادة، فهي إرادة ليست حرة في الاختيار، وإنما هي واقعة بين شرين اختارت الأهون بينهما، ويعد الإكراه في القانون المدني السوري سبباً لإبطال العقد لأن إرادة أحد المتعاقدين مغيّبة، وبالتالي فإن تعاقد العامل مع صاحب العمل هرباً من البطالة والفقر والعوز لا يعد تعاقدَ إنسانٍ حر مع إنسان حر ولا يمكن هنا التمسك بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، هذا عدا على أن عقود العمل في الغالب، تعتبر عقود إذعان، فصاحب العمل يرفض مفاوضة العامل، فهو إما أن يقبل بشروط صاحب العمل، أو يخسر عمله ولا مجال لمناقشته.

حصر التفاوض بالنقابة أو وضع قانون ملزم
هنا لا بد من حصر التفاوض بين صاحب العمل والنقابة المعنية للمهنة التي تملك القوة الكافية لفرض شروطها أثناء مفاوضة صاحب العمل، أو إصدار قانون العمل بقواعد ملزمة من النظام العام، لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، إلا لمصلحة العامل، وإعطاء الصلاحية للمحاكم في التدخل في عقود العمل، وتعديل قرارات أصحاب العمل، ولا سيما فيما يخص قضايا التسريح، وإلزام صاحب العمل بالتقيد بأحكامها، فلا معنى لقانون عمل يقرر حقاً للعمال إن لم يكن هناك قوة تلزم الطرف الآخر على احترامه، كما هو الآن في قانون العمل الحالي.

لا قوة ملزمة لقانون العمل الحالي!
قانون العمل الحالي رقم 17 لا تتمتع قواعده بالقوة الملزمة، ولا يملك القضاء سلطة إجبار صاحب العمل على تنفيذ أحكامه، فيحق لصاحب العمل رفض تنفيذ قرار المحكمة العمالية بإعادة العامل إلى عمله وتسريحه، كما يحق لصاحب العمل تسريح العامل من عمله في حال توقيف العامل وتقديمه إلى القضاء، حتى لو حكمت المحكمة ببراءته، وهنا يكون العامل قد فقد عمله، رغم إعلان براءته، فمن يحفظ حقوقه في هذه الحالة؟! فمن الطبيعي عند توقيف العامل سيعمد صاحب العمل إلى تشغيل غيره، وبذلك يكون المشرع قد أخذ بعين الاعتبار مصلحة رب العمل، وترك العامل بلا حماية.

مزايا وهمية للعمال!
إن بعض نصوص قانون العمل، التي نصت على حقوق للعمال وبعض الامتيازات، لا يعمل بها بتاتاً، بل تعتبر بعض المزايا التي نص عليها القانون ليست في صالح العمال، فمثلاً: إعفاء العامل من توكيل محامٍ لا يعتبر امتيازاً فالعامل لا بد أن يحتاج لمحام يترافع عنه أمام القضاء، أو على الأقل أن يكون هناك مكتب حقوقي يقدم له المشورة القانونية، والعامل ملزم بتوكيل محام أمام دوائر التنفيذ، لتنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحته وبشكل مخالف لما نص عليه قانون العمل.

تعديل عمل المحكمة العمالية
تذهب بعض المحاكم العمالية نفسها إلى تعطيل تطبيق قانون العمل فيما يخص مصلحة العمال، حيث لا تحكم هذه المحاكم للعامل بأجره أثناء فترة التقاضي، كما نص عليه قانون العمل، والمحاكم العمالية كانت وسيلة بيد أرباب العمل لتسريح عمالهم فقط، وشرعنة أفعالهم، دون أن يحصل أي عامل على حقه من خلال هذه المحاكم، فالطريقة الثلاثية في تشكيل المحكمة أثبتت فشلها، ولا بد من العودة إلى محاكم الصلح العمالية، نظراً لانتشارها الواسع، فمن غير المعقول أن يكون في كل محافظة محكمة بداية عمالية واحدة فقط،وهناك إلى الآن العديد من المحافظات لم تفتتح فيها محاكم عمالية بعد، وأن يتم تخصيص غرفة خاصة داخل المحكمة للنظر بقضايا التسريح، وغرفة ثانية للنظر ببقية القضايا.