استثناءات ع الحقوق
لأول مرة يحق لعمال الكهرباء السوريين أن يقيموا طقوساً احتفالية هائلة تعبر عن سعادتهم الغامرة بمناسبة تكرم الحكومة عليهم بمنحهم الطبابة المجانية في حال تعرضوا للأزمات القلبية خلال العمل!
فالحكومة اكتشفت منذ أيام، أن التعامل مع الكهرباء والتوتر العالي هو مهنة خطرة وليس مجرد عمل اعتيادي آمن، وفطنت إلى أن من حق هؤلاء العمال الحصول على تعويض مالي لقاء المخاطر التي يتعرضون لها، حيث تداولت وسائل الإعلام: أن الاجتماع الحكومي مع أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال، أقر في جملة ما جاء فيه: «تقديم الطبابة المجانية لعمال وزارة الكهرباء خلال تعرضهم للأزمات القلبية أثناء العمل، وتقديم تعويض مالي لهم عن مخاطر التوتر».
وقد بين وزير الكهرباء: «أن القرارات التي تم اتخاذها تسهم بشكل كبير في تخفيف مخاطر العمل على عمال وزارة الكهرباء، وصون حقوقهم في حال حدوث الإصابات، لافتاً إلى أن العمل مستمر على تحسين بيئة عملهم بحيث يستطيعون القيام بمهامهم على النحو الأمثل».
الحكومة التي اكتشفت خطورة المهنة مؤخراً، ربما ما تزال بحاجة إلى سنوات أخرى لتعي أن الأزمات القلبية ليست الخطر الوحيد الذي يهدد حياة عمال الكهرباء، وأن هناك عشرات المهن الخطرة الأخرى التي يزاولها العمال السوريون دون أبسط مقومات الحماية الضرورية، فالطبابة المجانية الشاملة والتعويض المالي العادل، أمران يجب أن يلازما أية مهنة خطرة، لا أن يقتصرا على مهنة معينة أو مرض مهني محدد.
وبدلاً من الحديث عما يفترض أن يكون «تحصيل حاصل» وأمراً مفروغاً منه في أيةِ مهنة خطرة، أليس من حق العمال المطالبة بالحصول على الطبابة المجانية لهم ولأسرهم بالكامل، خاصة مع تدني الأجور والمستوى المعاشي السيئ الذي تواجهه الطبقة العاملة إجمالاً والذي لا يخفى على أحد.
والأهم من ذلك كله، حري بالحكومة أن تتوقف عن التغني بما تنجزه لحساب العمال، كما لو أنه «منحة» من جانبها، وليس حقاً مشروعاً لهم، فلسان حال العمال يقول: عزيزتي الحكومة في المرة القادمة التي تعترفين فيها بواحد من حقوقنا المغتصبة تذكري أنه لا داعي للمزايدة علينا و»تمنيننا» بمكرماتك.