مستوى الحراك العمالي في سورية
يشهد العالم بما فيه منطقتنا، تصاعداً في الحراك الطبقي- للعمال والموظفين- ذي المطالب الاقتصادية الاجتماعية، وهذا له علاقة بتصاعد دور الحركة العمالية عالمياً. ويختلف مستوى الحراك بين بلد وآخر حسب ظروفه الخاصة، ولكن يقع الجميع في قلب الحركة العمالية الصاعدة.
ما الفرق بين مستوى الحراك الطبقي العمالي في كل من سورية ولبنان والعراق؟ وما هو العامل الأهم في تحديد مستوى هذا الحراك في كل بلد؟ نستطيع إجراء مقارنة بسيطة واكتشاف ذلك.
لبنان 2014 – 2015
سجلت لبنان ارتفاعاً في وتيرة الحراك الطبقي العمالي في السنوات الأخيرة، وحسب تقرير «الاحتجاجات والتحركات العمالية لعام 2014» الذي أطلقه المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، حدث «100 تحرك على امتداد 329 يوماً، ما بين إضراب واعتصام وتظاهر وإصدار مذكرات ومؤتمرات صحافية».
يتحدث التقرير عن «100 تحرك على امتداد 329 يوماً، ما بين إضراب واعتصام وتظاهر وإصدار مذكرات ومؤتمرات صحافية».
حصة القطاع الخاص من هذه الأرقام هي «10 تحركات امتدت على 5 أيام فقط، شملت إضراباً واحداً و4 اعتصامات و5 بيانات». يشير التقرير إلى أنه «بالرغم من ارتفاع معدلات الصرف التعسفي واستبدال العمالة اللبنانية بأخرى غير لبنانية، لم يشهد القطاع الخاص أية تحركات نقابية فعلية». المطالب والقضايا التي حملتها هذه التحركات كانت عبارة عن «احتجاج على بعض عمليات الصرف التعسفي ودفع التعويضات، والمطالبة بالمنح المدرسية، واعتبار مبالغ تصفية التعويضات في الضمان الاجتماعي بعد مرور 20 سنة خدمة سلفة لمن يستمر بالعمل».
أما باقي التحركات، أي الـ 90 تحركاً التي امتدت 319 يوماً، فقد نُفّذت في القطاع العام، سواء إدارات عامة، أو مؤسسات عامة، أو مياومين ومتعاقدين. ثمانية إضرابات واعتصامات مفتوحة يوثقها المرصد مع التشديد على أن مجموعها بلغ 200 يوم، 62 اعتصاماً لمدة 73 يوماً، و15 إضراباً لمدة 26 يوماً. أي: 200 يوم إضراب و100 تحرك في عام واحد فقط 2014. بينما حدث 195 احتجاج عام 2015.
عندما انطلق تحرك هيئة التنسيق النقابية عام 2012، شكّل الأمر خرقاً مفاجئاً وخطيراً للبنية النقابية التي نظّمتها السلطة. ولعبت النقابات دوراً في الحراك الطبقي الذي شهده لبنان في تلك الفترة.
العراق 2015
كانت الحركة الشعبية الاحتجاجية التي انطلقت في العراق عام 2015 مترافقة مع الحراك الطبقي للعمال في القطاع الخاص، وبدور قيادي ملحوظ للنقابات لدرجة كان الحراك العمالي من إضراب واعتصام وتظاهر شبه يومي في المحافظات العراقية المختلفة شمالاً وجنوباً.
توج الدور القيادي للنقابات بين الحركة العمالية العراقية بانتزاع حق التنظيم النقابي لعمال القطاع العام في تشرين الثاني 2017، هذا الحق الذي سلبه النظام العراقي السابق من العمال عام 1987.
سورية 2014 – 2017
وثقت جريدة قاسيون لـ 28 إضراباً واعتصاماً للطبقة العاملة السورية و43 إضراباً للسائقين بين عامي 2014 – 2017. شملت هذه التحركات القطاعين العام والخاص وانتصر نصفها على الأقل في مطالبهم.
دور النقابات في الحركة العمالية
في حالة لبنان، ارتفع الحراك العمالي إلى مستوى نوعي مع نشوء هيئة التنسيق النقابية، وكانت غالبية التحركات في القطاع العام، بينما في العراق تلعب النقابات دوراً قيادياً ملحوظاً في حراك عمال القطاع الخاص واستطاعوا انتزاع حق التنظيم النقابي لعمال القطاع العام.
أما في سورية، فقد شملت التحركات القطاعين العام والخاص، ورغم أن غالبية التحركات انتصرت في مطالبها، إلا أن دور الحركة النقابية لم يكن بمستوى التحركات المرشحة للتصاعد.
دور النقابات المتدني هذا، يناقض الدور المفترض لها أن تلعبه دفاعاً عن مصالح الطبقة العاملة، وكان هذا الحراك سيحقق خطوات إلى الأمام لو تحركت النقابات معه وتبنت حق الإضراب.