بصراحة: الأجور بين خيارين!

كان القاسم المشترك لمداخلات أعضاء مجلس الاتحاد العام الذي انعقد مؤخراً بحضور الحكومة، هو الوضع المعيشي للطبقة العاملة المتدهور ارتباطا بارتفاع الأسعار، وعدم قدرة الأجور على مجاراتها لا من قريب ولا من بعيد، والحكومة كمستمع جيد لتلك المداخلات بدليل رَدها المستفيض عليها، كانت لياقتها عالية وحاذقة في ردودها تجاه مطالب الكوادر النقابية بما يتعلق بزيادة الأجور، حيث ربطتها بزيادة الإنتاج، والأخيرة تحتاج إلى موارد، والموارد في جيوب أصحاب الرساميل، وأصحاب الرساميل حتى يفتحوا جيوبهم يطالبون بثمن «مغامرتهم» والثمن المطلوب قد يكون باهضاً وطنياً.

 إذاً: النتيجة التي يمكن استخلاصها من تلك المناكفات التي جرت كلها، أن الحكومة ليست في وارد زيادة الأجور، ووزير المالية في تصريحه مؤخراً عن ميزانية العام القادم، أشار إلى الزيادة في كتلة الأجور، وهي المتعلقة بالترفيع المستحق للعمال كل عامين، وحتى هذا الترفيع يحرم منه العمال الذين وصلت أجورهم إلى السقف المحدد لهم في سلم الأجور وهم بالآلاف.
إن استمرار الحكومة في تقديم الذرائع الواحدة تلو الأخرى، تهرباً من مطالب العمال وعموم الفقراء من أجل تحسين وضعهم المعيشي يعني الاستمرار في تعميق الأزمة، واستنبات عناصر جديدة، أي: حطب جديد قد يشتعل في لحظة ما، وقد يكون لهيبها أقوى من لحظة انفجارها الأولى، لأن الأزمة راكمت الكثير من الفقر والتهميش، ليس بفعل الحرب فقط، بل لعبت السياسات الحكومية دوراً مهماً في تعميق الفرز الطبقي، ومؤشرات الدخل الوطني المبينة للعلاقة بين الأجور والأرباح، تدلل على حجم الكارثة التي تعيشها الطبقة العاملة، بالمقابل أيضاً توضح حجم النهب العالي لقوى رأس المال بأشكالها وألوانها المتعددة.
النقابات في طرحها على الحكومة زيادة الأجور، هل كانت تراهن على استجابة الحكومة لمطلبها؟ وإذا كان الجواب بالنفي، ما هي البدائل المطلوبة للضغط من أجل تحسين الوضع المعيشي للعمال والذي جزء أساسي منه رفع الأجور؟.
الطبقة العاملة السورية تحت تأثير واقعها المعيشي ستضغط بطرق مختلفة من أجل حقوقها على الأطراف المعنية كلها بتحسين مستوى معيشتها بما فيها النقابات، فأيهما سيكون أعلى تأثيراً على النقابات الطبقة العاملة، أم الأطراف الأخرى ذات التأثير المباشر على القرار المستقل للنقابات؟. سنعيش ونرى القادم من الأيام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
831