أي تعديل نريد ؟
يكثر الحديث الحكومي عن ضرورة تعديل قوانين العمل المعمول بها حالياً وتعقد من أجل ذلك الندوات والمحاضرات والاجتماعات، وأغلب نتائج هذه الندوات تؤكد على ضرورة تعديل هذه القوانين ولكن التعديلات التي تقترح عادة تهتم بتفاصيل القوانين، ولا تأخذ المشاكل الجوهرية في عين الاعتبار وفي ضوء الحديث عن هذه التعديلات لا بد من السؤال في أي اتجاه يجب أن يكون هذا التعديل ولمصلحة من ؟؟ هل التعديل سيكون لمصلحة قوى رأس المال أم لمصلحة العمال؟
هذه السياسات لن تنتج قوانين في صالح العمال
الواضح من السياسات الحكومية أنها تتجه نحو دعم القطاع الخاص باعتباره شريكاً أساسياً بعملية التنمية، وتستخدم الحكومة إعادة الإعمار حجة لتمرير قوانينها، تلك القوانين التي تسهل عمل رجال الأعمال وتهيء لهم البيئة الاقتصادية والتشريعية اللازمة عبر قانون التشاركية وقانون الاستثمار المزمع إصداره بعد شهرين، وتقام المعارض ويتم صرف مبالغ ضخمة على حفلات ومهرجانات في مقابل اتباع سياسات تقشفية تجاه العمال بحجة ضعف الموارد، وقد تحدث رئيس مجلس الوزراء عن ضرورة اتخاذ خطوات جدية فيما يتعلق بالتسهيلات والإجراءات المتعلقة بالتصدير والاستيراد والتشريعات والانفتاح على رجال الأعمال والصناعيين، واهتمام الحكومة بالتجار يظهر من خلال سرعة استجابتها لمطالبهم و تأمين مصالحهم، ومثال على تأكيدها على إصدار قانون استثمار يلبي طموحاتهم وتأمينها لطائرات وعبارات لشحن بضائعهم في خطة ضمن خطوات الحكومة لتقديم الدعم لصناعيين، كما تعمل الحكومة من خلال عدم زيادتها للرواتب والأجور على دعم الصناعيين وتخفيض كلف الإنتاج عليهم ، فكما بات معروفاً فإن الأجور في سورية من أخفض الأجور عربياً وعالمياً والمواطن السوري يعيش ب50 سنتاً باليوم أي: تحت حد الفقر الذي حددته الأمم المتحدة بدولارين في اليوم !!
معاناة العمال تتكدس أموالاً في جيوب التجار!
الفرق بين مستوى المعيشة والأجور في البلاد يكدس أرباحاً في جيوب التجار ورجال الأعمال، في وقت يعيش فيه العمال وذوو الدخل المحدود على الفتات، ولا ينال العمال من الحكومة سوى الشعارات الطنانة والوعود، والنقابات صوتها مغيب ولا حول لها ولا قوة، وهي تسير بركب الحكومة، ولا يسمح للعمال بالتعبير أو حتى الاحتجاج على أوضاعهم المعيشية، ففي مثل هذه الظروف والسياسات هل يعتقد أحدٌ ما أنّ أي تعديل من قبل هذه الحكومة أو أية حكومة أخرى تسير بالسياسات نفسها في قوانين العمل سواء في القطاع العام أو الخاص سيكون لمصلحة العمال، ويصون حقوقهم، من المؤكد أن قوانين العمل ستكون أشد ظلماً على العمال وإيلاماً لهم كغيرها من القوانين التي تصدر لمصلحة التجار ورجال الأعمال.
تطبيق الدستور لا يحتاج إلى ندوات
رفع الظلم عن العمال لا يحتاج إلى ندوات ومحاضرات ولا برامج إصلاح وخصوصاً إذا كان من يشارك ويقيم هذه الندوات هم أنفسهم من ظلموا العمال وساهموا في إصدار قوانين العمل الحالية ودافعوا عنها بشراسة متسببين بمآسٍ للطبقة العاملة، فرفع مستوى معيشة العمال وإلغاء قوانين العمل المعمول بها حالياً ووضع قوانين عمل تتفق والدستور الجديد الصادر عام 2012 ترفع الظلم عنهم، وهذا لا يحتاج إلى هذا البحث كله والمحاضرات، بل يحتاج إلى إرادة سياسية تؤمن بالعمال ودورهم الرئيس في عملية الإنتاج، وتطبق الدستور واتفاقيات منظمة العمل الدولية، أما عن أفعال وأقوال الحكومة فلا تبشر بالخير بتاتاً، بل على العكس من ذلك، وخصوصاً أن الحكومة تعمل على دعم القطاع الخاص، وخصوصاً التجار منهم، ولا يهمها رفع مستوى معيشة المواطن ولا تعنيها رفع معدلات الاستهلاك بالداخل طالما تتجه نحو التصدير، لذلك فإن المحافظة على الأجور المتدنية لتخفيض تكاليف الإنتاج، وتخفيض قيمة العملة سيكون من أهداف الحكومة لدعم عمليات التصدير وتقديم التسهيلات لرجال الأعمال على حساب المواطن ومعيشته، مما يعني وصول المواطن السوري إلى حافة الجوع، ووصول المجتمع بأكمله إلى حافة الهاوية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 827