(منمشي وبنكفي الطريق»
عمر السويداني عمر السويداني

(منمشي وبنكفي الطريق»

تتنوع أشكال الاحتجاجات والتحركات التي تعبر بها الطبقة العاملة عن عدم رضاها عن واقعها المعيشي، والواقع الاقتصادي الاجتماعي والسياسي المقيد لحركتها،هذه الحركة، التي هي حالة طبيعية ونتيجة حتمية لعلاقات الإنتاج المبنية على تكديس الثروة بيد قلة قليلة، وبالمقابل أكثرية لا تملك شيئاً إلا قوة عملها وما تقدر أن تقوم به من أعمال يكفيها معيشتها حتى تعمل ثانية.

عدم الرضى
يعبر العمال عن عدم رضاهم بالواقع الذي يعيشونه بعدة أشكال وأحد هذه الأشكال هي: الإضرابات.
 مع بداية الإنتاج الصناعي الكبير تتحول الأغلبية من الناس إلى عمال بأجر بما فيهم الفلاحون وأرباب العمل الصغار، ومع سعي أصحاب الربح إلى جني الثروات والأرباح بشكل أساسي على حساب العمال وأصحاب الأجر، وسعيهم إلى الإنتاج بأرخص الأثمان لتمكنهم من المنافسة ببضاعتهم تدفعهم إلى المزيد من استغلال العمال، وقد ساعدهم بذلك ظهور الآلات والتطور التكنولوجي  والتي اقتضت جهداً جسدياً أقل كون الآلات تحتاج إلى عدد عمال أقل،فيطرد العمال ويتشكل جيش من العاطلين عن العمل.

البطالة عنوان للقهر
هذه البطالة تستغل من جديد في تخفيض أجور العمال المتنافسين على فرصة العمل عبر ابتزاز العمال العاطلين عن العمل، هذه الظروف تفرض على العامل واقع جديد وتظهر عدم قدرة العامل على الوقوف بوجه رب العمل وحيداً، لذلك تظهر ضرورة الإتحاد ووقوف العمال صفاً واحداً بوجه رب العمل وعند ذلك يبدأ عصر الإضرابات العمالية،وتظهر ضرورة إتحادهم وتنظيمهم وتشكل الوعي السياسي لمواجهة طبقة أرباب العمل ككل. ولكن هل من الممكن توحيد جمهور هو خليط من ناس غرباء.
الإنتاج الكبير مولد للعمل المشترك
إن المعمل الكبير ذا الإنتاج الآلي الضخم، والذي يتطلب العمل الدائم طوال السنة، يقطع الصلة بالأرض وبالنشاطات التي قد تشكل عوائق بين العمال واتحادهم أيضاً، إن العمل المشترك الذي يقوم به مئات وآلاف العمال يقود بحد ذاته العمال على بحث حاجاتهم بصورة مشتركة وعلى النضال المشترك بالإضافة إلى أن تنقل العمال على الدوام بين المعامل، يعزز الاقتناع بوحدة وتشابه الاستثمار في المعامل جميعها وامتلاك تجربة وخبرة العمال الآخرين في مصادماتهم مع أرباب العمل ويعزز بالتالي التلاحم والتضامن.

من هنا كانت البداية
في البداية كان العمال لا يعون ما يسعون إليه، ولذلك حركتهم كانت تعبيراً عن بداية تشكل وعيهم بذاتهم، و كانت بمثابة صرخة بوجه الاستغلال فيدمرون الآلات ويحطمونها، ولكن مع الوقت والاستفادة من التجربة يزداد وعي العمال، ويبدأ تشكل ذلك الشكل الجنيني من الوعي، بعد أن يتجاوز العمال مشاعر الكره والاضطهاد والانتقال إلى فهم كيف على وجه الضبط يقوم رب العمل باستغلالهم، فيشرعون بمقاومة هذه الأسباب التي تؤدي الى مأساتهم من خلال المطالبة برفع الأجور أو الضمان الصحي او إنقاص عدد ساعات العمل هذه الآلية تمكن العمال من الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، ومناقشة كل طور من أطوار حركاتهم أين نجحوا وأين أخفقوا؟ ولا يمكن في حال من الأحوال أن تكتفي الطبقة العاملة في نضالها على الإضراب فقط فمثلا في فترة الأزمات قد يثير الصناعيون بعض المشاكل عمداً لإيقاف العمل فترة من الزمن وبالتالي إلحاق الضرر بالصناديق العمالية، فمن المهم امتلاك درجة الوعي الكافية للتمكن من إنجاح الإضراب من خلال معرفة التوقيت، والظرف الملائمين، وكيف يقدمون مطالبهم،ومدى إمكانية تحقيق هذه المطالب في ظل الظرف الموضوعي السائد، فلا يمكن مثلاً إزالة أحد القوانين في موازين قوى ليست في صالحهم، وإنما يجب السعي للحصول على تحالفات وتوافقات مع قوى تتبنى قضيتهم، وتدافع عنها، بالاستفادة من الظروف المختلفة من أجل إحداث التغيير المطلوب، الذي تسعى إليه الطبقة العاملة وعموم الفقراء كتعبير عن مصالحهم الوطنية الجذرية.

الأهمية التي تتسم بها الإضرابات العمالية؟
 إن بداية الإضرابات تعني بداية النضال ضد نظام الاستغلال، وإن هذا الإضراب يؤكد للعمال بأن وضعهم ليس ميئوساً منه وتظهر ضرورة خوض النضال معاً، وتعلم التفكير في النضال ضد الاستغلال، وأين تكمن قوة العمال وضعف أرباب العمل وأن تتوحد جهودهم ضد طبقة أرباب العمل، وبالتالي النظم السياسية التي يختبئون وراءها، والقوانين المصاغة لحماية أرباب العمل ومن الممكن أنه بمجرد أن تبدأ الإضرابات بمعمل ما حتى تبدأ معها الإضرابات في باقي المعامل، بتوفر الظرف الموضوعي لذلك، فالإضرابات مدرسة للحرب وليست الحرب بذاتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
818