سهيل قوطرش سهيل قوطرش

الطبقة العاملة تريد قانوناً جديداً للتأمين ينسجم مع مصالحها الاجتماعية

تثار من جديد قضية تعديل القوانين الناظمة للعمل في بلادنا، ومن الهام المشاركة الواعية في النقاشات الدائرة حول هذه القوانين من منطلق التـأكيد على أهمية دور ومصالح الطبقة العاملة، ولاسيما أنها تلعب دوراً هاماً على نطاق الاقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية والاقتصادية.

ولدى الوقوف عند تعدد الآراء المطروحة بهذا الصدد نرى بأنه من الهام التوقف عند ما تريده الطبقة العاملة نفسه.ا فعلى الرغم من أهمية الملاحظات التي وضعتها الحركة النقابية في اتجاه تعديل قانون التأمينات الاجتماعية ومن أجل أن نستخلص من تلك الآراء المتعددة رأياً أكثر صواباً وواقعية ينسجم مع المصالح الطبقية للطبقة العاملة في ظل مرحلة تمتاز بالمستجدات والمتغيرات في كل المجالات ولاسيما أن الإصلاح الاقتصادي والإداري غدا مطروحاً على بساط البحث وبشكل مكثف وهناك من يحاول جر عملية الإصلاح الاقتصادي والإداري وبأشكال مختلفة لصالح البرجوازية على حساب طبقتنا العاملة حيث طرحت الكثير من الآراء حول ضرورة فصل الدور الاجتماعي للدولة عن دورها الاقتصادي، مما أثار التخوف لدى عمالنا من جراء مثل هذه الإصلاحات التي قد تنعكس سلباً على حقوقهم المكتسبة، التي حصلوا عليها عبر نضالاتهم الطويلة.

واليوم إذ يجري هذا النقاش الواسع نرى بأنه من الهام ليس إجراء تعديل في قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 بل يجب أن نبحث بشكل جدي عن إصدار قانون للضمان والتأمين على عمالنا بشكل يتلاءم مع طبيعة المرحلة والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية التي يجب أن تراعى انعكاساتها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للطبقة العاملة.

ولهذا نرى بأن التحكم المطلق للبيروقراطية على تنفيذ القوانين التي صدرت والتي في جوهرها خدمة للطبقة العاملة ساهم في وضع العقبات التي عملت على تعطيل جوهر هذه القوانين، مما جعل من هذه التعديلات والتفسيرات والبلاغات والتعليمات التنفيذية إضافة عقد جديدة على القوانين حيث بلغت هذه التفسيرات آلاف الصفحات مما ساهم في الكثير من التعقيدات التي انعكست سلباً على حقوق الطبقة العاملة إلى جانب ذلك أصبحت هذه القوانين غير طبيعية بسبب تغير الواقع أو بسبب التوجه نحو الإصلاح الاقتصادي والتطوير والتحديث كما أنه من الواجب أن ننظر للطبقة العاملة على أنها صاحبة المصلحة في تلك التعديلات، ولهذا نرى بأنها لم تشارك على المستوى العملي في صياغتها، فعمالنا يريدون قوانين جديدة لا تمت بصلة إلى القوانين القديمة وتحد من ضغط البيروقراطية التي تحولت من وصي إلى مالك تعبث بالمصالح العامة وتحولها إلى مصالحها الخاصة أي تحويل العام إلى الخاص كما أننا نريد قانون تأمينات ينسجم مع معطيات المرحلة الراهنة والمستقبل ولذلك لا نريد محاكمة عقلية للقانون الراهن بعقلية الماضي بل بعقلية جديدة تهتم بعصرنة حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والقانونية وتتمثل الخطوط العريضة لهذا القانون بما يلي:

1 إزالة أي استثناء من الاستثناءات أو أي درجة من درجات التأمين فكل من يعمل يحق له التأمين الشامل كذلك لم يعد تقسيم العمل إلى درجات مقبول فالثورة العلمية التقنية وفرت إمكانية تشغيل شركة كبرى بعدد قليل من العمال.

2 ضمان حياة كريمة للعامل في كل حالات (الإصابة ، المرض، الشيخوخة والبطالة) ضماناً لا يسأل فيما إذا كان العامل قد أصيب أثناء العمل أو في طريقه إلى العمل فالتأمين يجب أن يكون كاملاً على العامل.

3 اعتبار الأجر الأخير للعامل هو راتب التقاعد بالنسبة للعمال الذين بلغوا سن التقاعد فالعامل الذي بلغ هذا العمر يستحق الأجر الذي وصل إليه دون نقصان وتوريثه كاملاً للورثة العاطلين عن العمل ولا فرق بين عامل وعاملة بحق توريث الأجر كاملاً.

4 استمرار الرعاية الصحية للعامل المتقاعد وذلك تقديراً للدور الذي قام به اتجاه المجتمع وهو لا يستحق كما هو قائم حالياً تخفيض أجره وحرمانه من الرعاية الصحية ولا سيما أن الوضع الاجتماعي للعامل المتقاعد يجب أن يحافظ على كرامته بشكل صحيح.

5 تفعيل دور المؤسسة بقضايا الصحة والسلامة المهنية وإعطاءها أهمية في مراقبة مكان وبيئة العمل وصحة العاملين.

6 استثمار أموال الطبقة العاملة في هذه المؤسسة ومن خلالها بمشاريع تؤمن دخلاً يساهم في تطوير الخدمات التي تقدمها المؤسسة للعمال وضرورة إعادة أموال المؤسسة إلى صندوقها مع فوائدها من أجل القيام بمثل هذه المشاريع.

 

7 إحداث تطوير في عمل ا لمؤسسة وفي قوامها العام وتقنياتها وخبراتها وأنظمتها الداخلية وفي مؤسساتها الصحية مما يمكنها من الانتقال إلى مؤسسة ذات توجهات فاعلة ومؤثرة في حياة الطبقة العاملة بما يضمن ويكفل الإنجاز المتسارع لتأمينات العمال إذ من غير المعقول أن لا يستطيع الحصول العامل المتقاعد على راتبه التقاعدي إلا بعد ثلاثة أشهر من تقاعده مما يسبب الإرباك الاجتماعي له في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة والتي هو في غنى عنها.