المشكلة بالعمال المؤقتين أم بالحكومة؟
بدأت الحكومة السورية ومنذ عام 2005 تقريباً ومنذ تبينها سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي وتطبيق توصيات البنك الدولي سيئة الصيت بحجة القيام بإصلاحات اقتصادية تمت إعادة هيكلة لمؤسسات الدولة .
حيث بدأت الحكومة تعتمد في التوظيف في مسابقاتها على مبدأ العقود السنوية والمؤقتة الذي يحرم العامل من أي حق في أي تعويضات أو تأمينات أو راتب تقاعدي ولا ينقلب استخدام العامل إلى عمل دائم مهما مدد أو جدد كما ينص في متن العقد عادة .
جذر المشكلة
تحت شعار لا أجراً ثابتاً لعمل دائم، مررت المنظمات الدولية هذا المبدأ على أنه أفيد للعامل، وفي مصلحته، ولكن الهدف الحقيقي منها هي تنفيذ أهداف البنك الدولي في تدخله في الشؤون الاقتصادية للدول النامية من خلال تخريب مؤسساتها، و خصخصتها وتصفية حقوق الطبقة العاملة، وإفقارها، لإطلاق يد قوى السوق الخفية التي تكمل إحراق البلدان من الداخل، تحت شعار التعددية الاقتصادية والتشاركية مع القطاع الخاص. ولما كانت القوى العاملة هي أكبر عائق أمامهم و حجر عثرة أمام مشاريعهم المشبوهة كان لا بد من إيجاد طرق قانونية للتخلص منهم فكان اختراع مبدأ التوظيف عبر العقود السنوية والمؤقتة لسهولة تسريح العمال في أي وقت دون أن يكون أن تتحمل الدولة أي أعباء تجاههم وليس لهم الحق في المطالبة في أي حقوق أو تعويضات .
التوظيف عبر العقود المؤقتة والسنوية خلق حالة من عدم الاستقرار لدى العمال وأسرهم والمجتمع عموماً لِما له من آثار اقتصادية واجتماعية كارثية على فئة عريضة من المجتمع .لأن أي عامل لا يستطيع أن يبدأ حياته دون أن يملك عملاً دائماً ودخلاً ثابتاً يؤمن به احتياجاته، ويضمن له حياة مستقرة ومستقبل كريم، فعدم الاستقرار، والخوف من الطرد في أي لحظة وعدم وجود راتب تقاعدي يجعل العامل يعيش دائماً في حالة قلق دائمة طوال فترة عمله وهو يعيش على أمل أن يثبت في عمله في يوم ما من الأيام .
عقود سنوية ودستور
في سورية وحسب ما نص عليه الدستور السوري الجديد في المادة ( 40 ) فالدولة ملزمة بتأمين فرص عمل لمواطنيها، ومعنى فرصة عمل تتضمن بالتأكيد فرصة عمل يستطيع أي مواطن من خلالها أن يبدأ حياة مستقرة خالية من أي مخاوف، وتكون مصدر رزق له لا مصدر خوف وقلق له ولأسرته ..كما حددت المادة 13 من الدستور على أن الدولة تعمل على حماية قوة العمل وتطوير الطاقات البشرية .
المشكلة بالعمال أم الحكومة؟
تنفيذ الحكومة السورية لتوصيات البنك الدولي وتشريعها لمبدأ التوظيف بعقود سنوية هو ما خلق هذه المشكلة التي تظهر كل فترة وتبقى دون حل بسبب مماطلة الحكومة وتسويفها في إيجاد حل جذري وكامل لمشكلة العمال المؤقتين لأنها على ما يبدو مازالت مصرة على المضي بهذه السياسات الكارثية، وليس سببها العمال كما تحاول الحكومة دائماً إلقاء اللوم عليهم، واعتبارهم عبء على الدولة ومؤسساتها، وأنها تتحمل دفع رواتبهم، وأن كل موظف لا يعمل سوى ربع ساعة في اليوم فقط، وغير ذلك من التصريحات التي تحاول الحكومة من خلالها تحميل فشل سياساتها إلى عمالها، فتلك الحسابات الدقيقة تستطيع حكوماتنا حسابها ولكنها لم تستطع حساب كم يوماً يكفي أجر العامل هذا اذا أطلقنا لقب الأجر على أجورنا أساساً .