المناطق الصناعية تتهرب من مؤسسة التأمينات

بين الفنية والأخرى تبشرنا الحكومة بافتتاح مناطق صناعية كبرى في المحافظات والمدن، وتعلن بشكل مباشر التقديرات الأولية لبناء هذه المناطق، والتي تصل أحياناً لمئات الملايين من الليرات السورية، وأحياناً المليارات. وهكذا يتم الحديث عن كل شيء تتضمنه تلك المناطق باستثناء البشر الذين هم الأساس في النهاية لنجاح أية منطقة صناعية. 

وفي التحقيق الذي نشرته الزميلة «تشرين» حول مدينة حسياء الصناعية، كبرى المدن الصناعية في سورية، تم الكشف عن  أرقام مرعبة تكشف عن مدى تدني عدد عمالها المسجلين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي  أكدت أكثر من مرة أن التقديرات تؤكد أن أكثر من /30%/ من العمال غير مسجلين لديها، بينما عدد المسجلين لديها من العاملين في القطاع الخاص يبلغ مليون وثمانمائة ألف عامل فقط، وهذا الرقم يوضح بشكل جلي تهرب أرباب العمل من تسجيل العمال لديهم بالتأمينات، وتهربهم من أية دورية تفتيشية تقوم بها مؤسسات التأمينات الاجتماعية.

وقد أكد التحقيق من خلال بعض المسؤولين الرسميين عن المدينة الصناعية أن عدد العاملين في المدينة الصناعية بحسياء يقدر بنحو ثلاثة عشر ألف عامل، بينما مؤسسة التأمينات أكدت أن عدد عمال المدينة الصناعية المسجلين لديها لا يتجاوز /1400/ عامل فقط، أي أنه يوجد أكثر من /11600/ عامل من عمال مدينة  الصناعية خارج إطار التأمينات. وعلى الرغم من الصعوبة التي تلاقيها المؤسسة في القطاع غير المنتظم فإن الأرقام المعلنة كفيلة بأن تدفعها إلى لعب دور أكبر في البحث والتحري عن العمال غير المسجلين لديها في بقية المدن الصناعية على طول البلاد وعرضها، خاصة إذا علمنا أن عدد العاملين بأجر بلغ ثلاثة ملايين عامل جاء توزيعهم كالآتي: /1.4/ مليون يعمل ضمن القطاع العام الحكومي، و/861/ ألفاً يعمل ضمن القطاع الخاص المنظم، وحوالي /729/ في القطاع الخاص غير المنظم، أما العدد الباقي فيعمل ضمن القطاعات الثلاثة (المشترك، التعاوني، الأهلي) التي لا يذكرها أحد إلا نادراً،  مع أن أحوال العاملين في هذه القطاعات الثلاثة ليست بأحسن من أحوال أخوتهم في باقي القطاعات.

إن هذه الأرقام المعلنة والمنشورة دفعت الاتحاد العام لنقابات العمال في أكثر من مناسبة إلى  المطالبة بضم عمال القطاع الخاص إلى مؤسسة التأمينات وإلى التنظيم النقابي الذي يعتبر الكفيل الوحيد لإعادة حقوقهم كافة مهما تكالب عليها أصحاب العمل، ففي المجلس العام لاتحاد عمال دمشق طالب رئيس اتحاد عمال دمشق جمال القادري رؤساء المكاتب النقابية بإعطاء أهمية خاصة  لكل ما يعانيه العمال في قطاعاتهم الإنتاجية، وإنهاء المآسي التي يعانيها عمال القطاع الخاص من استقالات مسبقة وتسريح تعسفي.

إن تنسيب عمال القطاع الخاص إلى المنظمة النقابية هو أحد أهم المهام التي تواجه النقابات، خاصة بعد أن تأكد للاتحاد العام لنقابات العمال أن عدد المنتسبين للتنظيم النقابي من القطاع الخاص لا يتجاوز مئتي ألف عامل، أي بحدود /3%/ من مجموع العاملين في هذا القطاع.

ومع تقديرنا للجهود التي تبذلها مؤسسة التأمينات الاجتماعية في ضم عدد كبير من العمال ووضعهم تحت المظلة التأمينية، فإن هذه الأرقام تعتبر دعوة للمؤسسة بالتحرك الفوري إلى جميع المدن الصناعية التي قد تكون المصيبة فيها  أكثر من المتوقع، فالمؤسسة بالنهاية هي بيت الأمان أو الحامي لهؤلاء ولحقوقهم ضد ظلم أرباب العمل ومن يحميهم ويتستر عليهم، فهل ستكون هذه البداية لكشف ما هو أخطر؟

 

إن حقوق العمال يجب أن تبقى على رأس الأولويات وفي ذلك الضمان لكي تبقى كرامة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار.