عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة قبل فوات الأوان

تمخض الجبل فولد فأراً، أو كما يقال بالمثل الشعبي «صمنا، صمنا وفطرنا على بصلة». هذا على ما يبدو انعكاس صادق عن ردة فعل العمال بمختلف مواقعهم الإنتاجية، والخدمية عن الزيادة التي طبل وزمر لها المسؤولون كثيراً من أجل تحسين الوضع المعاشي للعمال، مدعين أن الزيادة جاءت مغايرة للزيادات التي سبقتها من حيث بعدها الاجتماعي الذي حققته؟!،

ولكن وهنا مربط الفرس حيث (الأفعال تقاس بالنتائج)، وليس بشيء آخر، مع العلم ومن خلال التجارب التي سبقتها تكون النتائج المترتبة عن هذه الزيادة مزيداً من ارتفاع الأسعار، ومزيداً من الإفقار ومزيداً من الأرباح للقطط السمان التي لا تشبع أبداً وتقول دائماً هل من مزيد؟، والحكومة تقول لها نعم هناك دائماً المزيد والمزيد.

لقد عقدوا المؤتمرات وسطر أصحاب الأقدام مقالاتهم شارحين الأبعاد الاجتماعية للزيادة ومردودها الاقتصادي على البلد وعلينا نحن الفقراء، وأن الحكومة بذلت مجهوداً كبيراً لكي تخرج إلى النور بهذا الشكل، وهذا المضمون، ولكن ماذا تفعل الحكومة إزاء شعب (لا يعجبه العجب ولا الصيام برجب). رغم تحمل الحكومة عبء هذه الزيادة كما يقال، حيث بلغت قيمتها ما يقارب الـ (20 مليار ل.س)، وعلى ذمة وزير المالية، وفي اللحظة نفسها قال أن جزءاً كبيراً من تكاليف الزيادة جرى تغطيتها من رفع سعر البنزين (15 مليار ل.س) وذلك لأجل منع تهريب البنزين إلى خارج البلاد، ولذلك كان لابد من زيادة مسعرة عقوبة لهؤلاء المهربين (من الطبقة العاملة وفقراء شعبنا)، على ما اقترفته أيديهم من تخريب للاقتصاد الوطني، رغم كل الجهود التي يبذلها المسؤولون الكبار وأصحابهم من القطط السمان في إصلاح الوضع الاقتصادي وتجليسه وفق إرشادات الباب العالي من مستشاري صندوق النقد والبنك الدوليين.

إن الزيادة ذات البعد الاجتماعي فقدت اجتماعيتها وقيمتها منذ اللحظة الأولى، واستردتها الحكومة وقططها السمان أضعافاً مضاعفة من خلال سلوكها الاقتصادي، وقراراتها التحريرية المعادية لمصالح الفقراء وخاصة الطبقة العاملة التي تكتوي بنارين، نار غلاء الأسعار المتصاعد دوماً لمختلف المواد الضرورية، ونار ضعف الأجور والمتآكلة على الدوام.

والسؤال المطروح على الحكومة العتيدة: ما مصير الملايين من فقراء شعبنا والذين يكتوون بنار الحكومة والتجار؟! وبالأخص منهم عمال القطاع الخاص والذين يشكلون الأغلبية من الطبقة العاملة السورية.

إن الإجابة قد تكون في مكان آخر من هذا العالم، ربما في بلاد الواق الواق، ولكن ليس في بلادنا، لأنه الإجابة عن ذاك السؤال تضع العديدين أمام استحقاق لا يمكن الهروب منه بفعل المسؤولية المترتبة عليهم تجاه هؤلاء العمال، والمسؤولية تقضي فعل الكثير تجاه هؤلاء المهمشين، والواقعين تحت النيران الغزيرة التي يطلقها عليهم أرباب العمل والحكومة، دون أن تكون لديهم سواتر تحميهم من عبث العابثين، والمقصود بذلك تنظيم نقابي فاعل في صفوفهم يقنعهم بأنه يمثلهم حقاً، من خلال الدفاع عن مصالحهم، ومكتسباتهم التي أقرها لهم القانون والتي يجري التفريط بها تحت الأنظار دون أن يكون هناك فعل حقيقي بمستوى المخاطر والضغوط التي يتعرض لها العمال أينما كانوا، تحت عناوين شتى لها علاقة بالإصلاح والمستثمرين وتشجيع الاستثمار.

إن النقابات هي ممثلة لكل الطبقة العاملة في الوطن، ولا يمكن فصل دورها بين عمال القطاع العام أوا لخاص، والتي تبدو فيه الآن أنها تمثل فقط عمال القطاع العام لضعف التنبيب والفاعلية في القطاع الخاص، وخاصة دورها في فرض حقوق العمال سواء في تنسيبهم للتأمينات الاجتماعية على أساس الراتب الحقيقي أو في زيادة أجورهم التي لا يحصلون عليها إلا بالقطارة التي يمنّ عليهم بها أرباب العمل.

 

إن المطلوب الآن دور خاص للنقابات تلعبه في صفوف الطبقة العاملة وخاصة عمال القطاع الخاص من أجل زيادة أجورهم، ومن أجل حقوقهم المكتسبة قبل فوات الأوان، وضرورة التخلي عن أوهام كثيرة ومنها وهم التفاوض عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المتواطئة دوماً مع أرباب العمل، لأن المثل يقول: «لا يحك جلدك سوى ظفرك» فهل تفعل النقابات؟؟