بصراحة سكوت .. الحكومة قررت..

ليس سراً أن الكثير من القرارات التي تصدرها الحكومة تتناقض بشكل مباشر مع المصلحة الوطنية وهي تتعمد أن تفرغ أي مرسوم أو أي توجه من مضمونه إذا كان يخدم مصالح الوطن والمواطن.

وهذه إشكالية كبيرة نجدها في البلاغات والتعاميم والقرارات التي تصدرها وكان آخرها التعميم رقم 7843/1 تاريخ 12/10/2005 والمتضمن التوجيه للإدارات العامة برفع أسماء العمال الفاسدين لتسريحهم من الخدمة.

من حيث الشكل القرار سليم فهو يعتمد على تنفيذ التوجهات الرسمية و الشعبية بمكافحة الفساد.

ولكن المضمون يعطي عكس هذا التوجه وينطلق من المثل الشعبي «ماقدر على حماتو تفشش بمراتو» ففي الوقت الذي تفشل الحكومة بمواجهة قوى الفساد  الكبيرة في البلاد نجدها تسرع لتنقض على أضعف الحلقات في المجتمع ألا وهي الطبقة العاملة دون أن تضع الأسس العملية لتطبيق هذا التعميم، وبذلك تكون كعادتها قد أفرغت هذا التوجه من مضمونه.

إن مكافحة الفساد مهمة وطنية كبرى تتطلب بالدرجة الأولى تحسين المستوى المعاشي للجماهير الشعبية وإعادة النظر بالقرارات الاقتصادية التي تصدر والتي تنعكس سلباً على الصناعة الوطنية مما يؤدي إلى إغلاقها وتسريح العاملين فيها الذين سينضمون إلى جيش العاطلين عن العمل مما يؤدي كذلك إلى أمراض اجتماعية كبيرة وكثيرة قد تخل بالأمن الاجتماعي. إن هذه المهمة يجب أن تبقى من أولى المهام الأساسية للمجتمع بأسره وهي تتطلب حركة مجتمعية للوقوف بوجه الفساد بشكليه المنظم والعشوائي وفي المفاصل الأساسية ولاسيما في مواقع القرار وكذلك تتطلب إعطاء دور مهم للقضاء لأنه سيلعب الدور الأساسي في مكافحة هذه الظاهرة التي كانت من أهم أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد في المرحلة الحالية.

ولهذا نقول للحكومة: إن الطريقة التي اتبعتها من خلال تعميمها المذكور هي خطوة للتشجيع على الفساد وليس لمحاربته، فمن يريد فعلاً أن يحارب الفساد عليه أن يبدأ من المفاصل الأساسية ومن الحيتان الكبيرة التي نهبت الدولة والمجتمع، فهل يعقل تنظيف درج البناء من أسفله؟

 

■ سهيل قوطرش