الإدارات النظيفة نادرة.. لكنها موجودة !

الإدارة علم وفن.. والإدارة الناجحة هي التي تعالج مشاكلها باعتمادها على الذات ولاسيما إذا كانت الشركات مستهدفة من جهات متعددة ولهذا على الإدارات أن تلعب دوراً هاماً وفق الإمكانيات المتاحة لديها لتطوير عملها والحفاظ على خطوط الإنتاج لديها.

ومن الأمثلة على ذلك شركة الإنشاءات المعدنية التي قيل عنها قبل فترة ليست بالطويلة إنها عبء على القطاع العام، وأثناء زيارة وزير الصناعة السابق إلى هذه الشركة اتخذ قراراً بإغلاقها وقال آنذاك: إكرام الميت ترحيله ووجه بنقل الفنيين في الشركة إلى معمل إسمنت عدرا..

التوجهات لم تنفذ، ففي الوقت المناسب جرى تعديل وزاري وأقيل وزير الصناعة آنذاك.

لم يتسن للمسؤولين في تلك الفترة الوقوف على الأسباب التي أدت إلى الحال التي وصلت إليه هذه الشركة في تلك الفترة، والتي تعتبر من أقدم شركات الإنشاءات المعدنية في القطر، فهل كانت الأسباب هي سوء إدارة، أم النهب الذي حصل لهذه الشركة من قبل الإدارات المتعاقبة عليها؟؟

 لم يحاسب أحد ولم تظهر الأسباب الحقيقية لمعاناة هذه الشركة ولكن عندما توفرت الإدارة الجيدة  أقلعت الشركة من جديد، وهاهي تقول لكل المسؤولين القطاع العام، وسيبقى العمود الفقري للاقتصاد الوطني بخير إذا ما توفرت الإدارة الوطنية الجيدة التي تعمل لحل المشاكل المتعلقة بها، بعيداً عن عقلية المحسوبية والولاءات، فهي تضع المشكلة أمامها لحلها وليس للاستفادة منها بشكل شخصي، ومثالنا على ذلك الأسلوب الذي اعتمدته الإدارة الجديدة لحل الإشكاليات المتعلقة بها حيث اعتمدت على:

1. تأمين المادة الأولية ومستلزمات الإنتاج بالدرجة الأولى، ومن ثم تأمين الرواتب، لأن الأولى تؤمن الثانية، وقد نجحت الإدارة بتنفيذ هذا التوجه.

2. تأمين جبهات عمل بشكل متوازن مع تأمين مستلزمات هذه الجبهات حرصاً على عدم التأخير في التنفيذ.

3. المحاسبة الجادة وتحميل المسؤولية المباشرة على مبدأ الثواب والعقاب، فالمسؤولية تقع على عاتق الرئيس المباشر. وانطلاقاً من هذه الرؤية نجد بأن الشركة استعادت دورها.

- معمل الغازات

أقلع بعد تأمين ضاغطين من شركة حديد حماة بقيمة لا تكاد تذكر وتم تركيبه بإشراف الفنيين في المعمل ذاته وتم توفير أكثر من 8 مليون ل.س على هذه الشركة.

ونفذت الخطة الإنتاجية بواقع 126% بعد أن كانت 40% والمنتج يسوق من أرض المعمل، وهذا أعطى عائدات كبيرة حيث تم ذلك من خلال وضع خطة إنتاجية وتسويقية كاملة وضعتها الإدارة بالتعاون مع العاملين الفنيين في هذا المعمل.

- معمل الطاقة الشمسية..

تم تشغيل هذا المعمل وفق التوجهات لاستخدام الطاقة الشمسية كطاقة بديلة، حيث فتح باب التقسيط المريح من خلال مكتب مكافحة البطالة إضافة إلى قيام الشركة بجهود دعائية كبيرة ساهمت بإقلاع هذا المعمل وبشكل جيد.

- معمل المعادن

أعيد الاعتبار لهذا المعمل من خلال إحياء العقود المبرمة في الشركات التابعة للمؤسسة الغذائية، وخاصة زيوت حلب وألبان دمشق إضافة لشركة دهانات أمية وتنتج خطوط جديدة للمنجور الألمنيوم.

وكذلك أقلعت كافة الوحدات الإنتاجية التابعة لهذه الشركة .

نقاش واسع يدور الآن بين عقليتين مازالتا تعملان في إدارة الاقتصاد الوطني، ومنها هذه الشركة بالذات، الأولى: مازالت أسيرة الشعارات تريد أن تطور بعضلات لسانها ومن خلال مراكز النفوذ دون المساهمة في وضع الحلول العملية لتطوير هذه الشركة.

والثانية: عقلية علمية وعملية تعتمد على تغيير الواقع من خلال الواقع نفسه لا تكترث للمزاودات، فهي لا تكثر من الكلام بل تكثر من العمل، وشعارها المحاسبة على النتائج، وللأسف فإن البعض  يضع العراقيل بوجه العقلية الثانية، منطلقاً من التشبث بالرأي ومن خلال النظرة الطبقية لعملية الإصلاح الاقتصادي.

فالإدارة الجديدة بعقليتها المنفتحة استطاعت أن تؤمن رواتب العاملين لديها من خلال متابعتها للعملية الإنتاجية وتحصيلها الديون التي كانت شبه ميتة ولم تعد تستدين رواتب العاملين من الجهات العامة. صرفت الحوافز الإنتاجية للأعوام السابقة، وصرفت الوجبة الغذائية لمستحقيها، واستطاعت أن توفي القسم الكبير من ديون الشركة.

 

فهل تترك هذه الإدارة وحيدة تواجه كل التحديات، أم أن واجبنا الوطني يتطلب منا أن تتضافر كل الجهود معها لإنجاح هذه التجربة الرائدة للنهوض بقطاعنا العام؟؟ أم أن القرار قد اتخذ بتصفية القطاع العام، وهناك من لا يريد مثل هذه الإدارة التي نطالب بالتضافر معها.