استقالات عمال الدولة
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

استقالات عمال الدولة

حق الاستقالة نص عليه القانون الأساسي للعاملين في الدولة في المادة 133، حيث تقدم خطياً من قبل العامل إلى مرجعه تتضمن طلباً بإعفائه من الخدمة. ومن حق مرجعه أو الجهة صاحبة الحق في التعيين فقط قبولها أو رفضها، حسب ما تقضيه الحاجة أو المصلحة العامة.

 

منذ سنتين تقريباً ربطت الجهات الحكومية قبول الاستقالات أو رفضها بموافقة الجهات الأمنية، وبالتالي، أصبحت هذه الجهات عملياً هي المختصة بالنظر في طلبات الاستقالة في جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية بلا استثناء، والحجة أو السبب في هذا القرار ليست واضحة  إلى الآن.

تأخير غير مبرر

تسبب ربط الاستقالات بالحصول على هذه الموافقة إلى تعقيدات أحيانا،ً و تأخير البت فيها،  وقد تضيع على أثر ذلك فرص عمل أخرى يضطر إليها العامل لتحسين دخله ووضعه, وخصوصاً بعد تدني الرواتب والأجور وتدني مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار لدرجة أوصلت ذوي الدخل المحدود إلى حافة الجوع، وهو ما اضطر الكثير منهم  لترك أعمالهم بحثاً عن فرص عمل أخرى في القطاع الخاص (الذي باتت بعض شركاته تشترط الحصول على ورقة غير موظف), أو في حالة الهجرة الاضطرارية، وهو ما يضيع على العامل حقه في الحصول على تعويضاته المالية وتأميناته التي تعتبر من حقوقه المشروعة، بسبب اعتباره بحكم المستقيل، عدا عن ملاحقته قضائياً, حيث أصدرت وزارة المالية قراراً بتصفية الحقوق التأمينية للعامل (أي مصادرتها) المعتبر بحكم المستقيل، مخالفة بذلك قانون العاملين الأساسي في الدولة، الذي لم ينص على مصادرة الحقوق التأمينية للعامل المتغيب عن عمله.

التقاعد بالسن القانوني

حتى العاملين الذين وصلوا إلى السن التقاعد  القانوني لا يسمح لهم ببدء إجراءات الانفكاك والتقاعد، الطويلة أصلاً، قبل الحصول على هذه الموافقة ، والتي تتأخر في بعض المحافظات عدة أشهر أحياناً في البت بطلبات التقاعد، والتي تتسبب في التأخر في حصول المتقاعد على استحقاقاته المالية وتعويضاته.

الغريب في الموضوع لماذا المتقاعدون ملزمون أيضاً بالحصول على  الموافقة لتقاعدهم، وهم الذين أصبحوا بمجرد بلوغهم سن الستين وبحكم القانون متقاعدين. 

تعقيدات أخرى

وبالإضافة إلى ذلك تواجه العامل، بعد ذلك تعقيدات كثير لا طائل منها، حيث يدخل من ينهي خدماته في دوامة مراجعة العديد من الدوائر والمؤسسات،  وتقديم الكثير من الورقيات، والثبوتيات والتدقيقات التي من المفروض أن تكون في إضبارته، أو جاهزة لدى الجهات المعنية  بطبيعة الحال، حيث ينتقل المستقيل والمتقاعد بين المؤسسة التي كان يعمل بها، إلى السجل العام للموظفين، إلى الجهاز المركزي للرقابة المالية، إلى التأمينات الاجتماعية،  إلى الجهات النقابية التي ينتمي إليها، و القيام بإجراءات روتينية تنهك العامل، وتستنزف الجهات العامة أيضاً.  

كيف نحد من التسرب ؟

إن الحد من تسرب العمال من الوظائف الحكومية لا يكون بهذه الاجراءات، بل على العكس يكون بترغيب العمال بالبقاء في أعمالهم من خلال رفع مستوى معيشتهم ودعمهم، وخصوصاً في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، لا من خلال الهجوم على حقوقهم وإفقارهم ورفع الدعم عنهم، ومن ثم تقييدهم بمؤسساتهم وإغلاق كافة السبل الممكنة لتحسين معيشتهم في وجههم كما يقول المثل (لا برحمك ولا بخلي رحمة الله تنزل عليك)!! .

عدا عن أن حجة المحافظة على عمال القطاع العام ليست مقنعة بتاتاً، فمن السهولة الاستعاضة عن النقص الحاصل في ظروف الأزمة وتعقيداتها نتيجة ازدياد حالات الاستقالات بفتح باب التوظيف، فهناك مئات الألوف من الشباب العاطلين عن العمل ومن جميع الاختصاصات، والذين يبحثون عن فرص عمل، ولو براتب زهيد!.

إن المطلوب، مركزة العمل لدى الجهة المعنية، وإنجاز معاملات من قضى أهم سنوات عمره في الجهات العامة بالسرعة المطلوبة وبما يؤمن حقوقه المنصوص عليها في القانون.