عفوا يا سيادة وزير الاقتصاد والتجارة

 (ارتفعت الأسعار بنسبة 7% فقط بينما زادت الأجور أكثر من ذلك بكثير وليس كما أثاره البعض بأن الأسعار ارتفعت إلى 40%..).

هذه العبارة كررها السيد وزير الاقتصاد والتجارة أكثر من مرة خلال ردوده على الأسئلة والاستفسارات حول الارتفاع الجنوني للأسعار وعدم توافقها مع الرواتب والأجور، وذلك في اجتماع المجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال في دورته الرابعة عشرة.
سيادة الوزير لسنا سذجاً في محاولتك الدفاع عن تقصير أداء وزارتكم وإقناعنا بأن أسواقنا بخير ونعيش في بحبوحة، ولسنا محقين بالمطالبة في ضبط جنون الأسعار الذي يقتحم أسواقنا التي تعيش فوضى الأسعار دون رقيب أو حسيب. كنت تقول بأن معلوماتك استقصيتها من المكتب المركزي للإحصاء، ونؤكد أن المكتب المركزي للإحصاء في الوزارة يعيش في بروج عاجية ليس له علاقة بأسواقنا وكأنه من غير فئة ذوي الدخل المحدود شأنه شأن بعض المسؤولين الذين لا يشعرون بأوضاعنا الحياتية والمعيشية.
ولعلمك يا سيدي الوزير بأن القفزة بالأسعار الذي شهدتها أسواقنا كانت خلال عام 2005 ومقارنة مع أسعار 2004 نجد أن المواد الضرورية زادت بنسبة 100% وبعضها بنسبة 50-60% مثل السكر والرز والزيوت واللحم والبقوليات والألبسة والدواء وأجور المشافي الخاصة ذات النجوم التي تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
ونتذكر تماماً بأننا كنا نشتري السكر بسعر 5.17 ل.س للكغ الواحد، وكذلك الرز بـ 20 ل.س، ناهيك عن الزيادات التي طرأت على مواد البناء (الإسمنت) وبالتالي أصبح البيت حلماً للكثير الكثير من عمالنا.
وارتفاعات الأسعار وما رافقها من نمو سرطاني للسوق السوداء لم يستفد منها إلا مجموعة من الفاسدين والمتواطئين الذين أثروا على حساب الدولة والمواطن على حد سواء وكانت جيوب عمالنا هي الخاسرة، وأيضاً خزينة لدولة باعتبارها هي جيوب رعاياها.
وإذا كان التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي قد فرض نفسه من خلال أجندته ذات المدلولات أو الإيديولوجيات الواضحة ومنها:
- تقديم كل التسهيلات للاستثمارات المحلية والعربية والدولية، وخلق فرص عمل لهذه الاستثمارات.
- حرية التبادل.
- زيادة العرض السلعي.
ونؤكد أن هذه الإيديولوجية يجب أن تستند إلى:
- وجود قوانين ناظمة لاقتصاد السوق الاجتماعي والتي تأتي في مقدمتها حماية المستهلك.
- تقليص الفجوة ما بين القطاع العام والخاص.
- عدم السماح بالأسعار الفاحشة.
- الحد من الفساد ومنع الاحتكار.
- أن تتدخل الدولة في الأزمات ولجم موجة الغلاء والاحتكار لا أن تلغي الدور المناط بها.
ونحن نقصد ذلك تماماً من خلال تأمين السلع الضرورية والهامة للمواطنين واستيرادها بالسرعة الممكنة بواسطة جهاز خاص يتمتع بالنزاهة والموضوعية والغيرية على مصالح الوطن والمواطنين، وليس كبعض المؤسسات مثل (تافكو) والتي نستذكر تماماً صفقاتها المشبوهة في استيراد الحبوب والخراف التي انقلبت إلى أغنام وتم ذبحها مع أجنتها.. ونشير هنا إلى جرأة جريدتنا (الاشتراكي في رصد تلك الواقعة منذ بدايتها).
وعودة لموضوعنا نخشى أن يؤدي ارتفاع الأسعار وعدم وجود سياسة واضحة للربط ما بين الأجور والأسعار إلى خلل في اقتصادنا الوطني نتيجة التضخم وتراجع معدلات النمو، وهذا لا نرجوه مطلقاً.
إذاً أن تعي الجهات المعنية متطلبات المواطنين وتكسر القواعد التي تحكم بها السارقون لبهجة فرحنا بالرواتب والأجور في لجم الأسعار ومنع الاحتكار وتوفير ما تحتاجه فئات الشعب حتى ولو كان ذلك بالحد الأدنى أمر لا يختلف عليه أحد وما تزال سائر وزاراتنا تتخبط في مشاريع الإصلاح ولم تعرف بعد من أين ستبدأ.
فالمواطن ومثيله من ذوي الدخل المحدود يأمل أن يكفيه راتبه لسداد ما يترتب عليه من متطلبات الحياة ونكرر مجدداً ولو بالحد الأدنى فهل يصبح الحلم حقيقة.. أم سيأتي مرة أخرى وزير الاقتصاد والتجارة ليعيد على أسماعنا بأن الأجور ازدادت أكثر بكثير من زيادة الأسعار وأننا نعيش في بحبوحة..؟
بحبوحة من يا ترى بحبوحة الوزارة أم بحبوحة حيتان الأسواق..؟!
الأربعاء 10 كانون الثاني 2007
 
■ عضو المجلس العام
محمد فاتح عبادي