عدم استقرار العمالة .... ميزة أم عيب ؟
يتصف القطاع الخاص غير المنظم بعدم الاستقرار في حجم العمالة ونوعها بشكل عام، وذلك على صعيد المهن والمنشآت كلها، بغض النظر عن حجمها، وتنشط تلك التبدلات بفترات معينة ومنها ما بعد العيدين (الفطر والأضحى) ومع كل بداية ونهاية فصل دراسي جديد.
يعد هذا القطاع هو الأكبر من بين القطاعات الأخرى، حيث يضم العدد الأكبر من الأيدي العاملة المتنوعة، وكونه قطاعاً غير منظم ولا يخضع لأي قانون فإنه الأقل استقراراً من ناحية الإنتاج والعمالة أيضاً، ويتحكم العرض والطلب به بشكل مستمر، ويعود عدم استقرار العمالة فيه لأسباب عديدة أهمها كما ذكرنا عدم وجود قانون يضبط العلاقة بين أرباب العمل والعمال، فلا عقود بين الطرفين تلزمهما ويمكن لأي رب عمل أن يُسرّح من يشاء من عماله ومتى أراد ذلك، كما أن العامل بدوره يستطيع أن يترك العمل وينتقل لعمل آخر بإرادته الشخصية المصاحبة للظروف المفروضة عليه.
انتظار الوقت المناسب
ترتفع نسبة تبديل العمال لأماكن عملهم خلال فترات معينة خاضعة لظروف هذه الفترة أو تلك، فرب العمل الراغب بتسريح عامل ما سينتظر الوقت المناسب لذلك لأنه حريص على العملية الإنتاجية التي قد تختل بهكذا إجراء، والعامل بدوره حريص على أن لا يبدل مكان عمله قبل إيجاد البديل المناسب والأفضل، وفي أسوأ الاحتمالات أن تكون حركة السوق مناسبة في حال بحث عن عمل، وهذا تحديداً السبب الأساسي في جعل فترة ما بعد الأعياد من إحدى الفترات التي تحدث بها تنقلات كثيرة في صفوف العمال، فالطرفان يكونان حريصين على مصالحهما خلال الفترة التي تسبق الأعياد بشهر أو اثنين، فلا رب العمل يرغب بتأثر الإنتاج في حال سرح عامله، ولا العامل يرغب أن يبقى بلا عمل والعيد على الأبواب، فتصبح فترة ما بعد الأعياد الوقت الأنسب للجميع.
موجة تغيرات أبطالها الطلاب
حين ينتهي عام دراسي تدخل شريحة جديدة لسوق العمل، وهي عبارة عن طلاب بمختلف فئاتهم العمرية، ليعمل الجزء الأكبر منهم كعمال موسميين خلال العطلة، في حين يبقى جزء آخر كعمالة دائمة.
وخلال الفترة الحالية يتعرض القطاع الخاص غير المنظم لهذه الموجة من التغيرات على مستوى العمالة فيه، كون فترة الأعياد وبدء العام الدراسي اجتمعا، مما أثر على تأخر إقلاع الإنتاج في الكثير من المعامل والمشاغل، رغم مرور أسبوع كامل على نهاية العطلة لعدم توفر الطاقم الإنتاجي المطلوب كاملاً، كما أضر بالعمال الذين مازالوا بانتظار فرصة عمل مناسبة أو مازالوا بانتظار إقلاع مشاغلهم.
التنظيم ضرورة ممكنة
في حين يصف البعض هذا القطاع بأنه قطاع حر ومرن للإنتاج وللعمال، فإن الواقع والتجربة تخبرنا غير ذلك تماماً، فإن من أكثر عيوب هذا القطاع فظاظة هو عدم الاستقرار بالإنتاج وبالعمالة، وهذا يجعلنا نؤكد مرة أخرى على ضرورة تنظيم ما ليس منظماً، لأنه يصب في صالح الحكومة وإيراداتها من جهة، ومصلحة رب العمل وعملية الإنتاج من جهة أخرى، والأهم من ذلك كله سينظم العمالة وعلاقتها برب العمل، ويتوقف بذلك النهب الجائر الذي يمارس على العمال ويسلب حقوقهم.