عمال النظافة والأجور المتأخرة
فادي نصري  فادي نصري 

عمال النظافة والأجور المتأخرة

شركات النظافة الخاصة هي إحدى أشكال تراجع دور الدولة عن تقديم خدماتها للمواطن السوري، وهي أيضاً قطاع إضافي قد سلم للمستثمرين لترتاح الدولة من أعبائه! أو ليسترزق أصحاب الأموال من الملايين التي يدخلها هذا القطاع إلى جيوبهم من خلال عملية تدوير النفايات!.

فقد افتتحت في سورية العديد من شركات النظافة التي تتعاقد مع المحافظة على استلام مناطق معينة، بغية تنظيفها والإشراف على خدماتها، وتنشر هذه الشركات عمالها وآلياتها في المناطق التي تتعهدها.

عمال هذه الشركات

يعاني عمال النظافة في هذه الشركات الكثير من الغبن والإجحاف في حقهم ، كما أنهم يتقاضون أجوراً منخفضة جداً مقارنةً مع الوضع المعيشي للمواطن السوري، فهم يعملون  ثماني  ساعات في اليوم، ويتقاضون راتباً شهرياً مقداره 13000 ل.س، مع العلم أن رواتبهم كانت قبل الزيادة الأخيرة «تعويض على المعيشة 10000ل.س» ويخصم كل شهر من رواتبهم 700 ل.س أجار وسيلة نقل تقلهم إلى أماكن عملهم، وفي نهاية المطاف يحصل هذا العامل على 12300 ل.س كراتب ثابت لقاء جهده المبذول، أما زيادة 2000 ل.س التي حصلوا عليها فهي أقل من الزيادة التي جاءت لعمال القطاع العام كتعويض معيشي أوائل العام الماضي، والتي بلغت 4000 ل.س، ما يجعله غبناً قاسياً يتعرض له أولئك العمال، وتمييزاً في الحقوق ما يوجب المساواة بين عمال القطاعين في الأجور والزيادات، ولم يتلقوا أي من الزيادات الأخيرة ومازالت أجورهم على حالها إلى اليوم، «حيث يقوم أرباب العمل في القطاع الخاص بشفط الزيادات لأسباب لا نعلمها» بحسب تعبير أحد العاملين. 

إن هذا الراتب الهزيل لا يرقى إلى أن يصنف كحد أدنى للأجور، ولا يستطيع أن يؤمن لهذا العامل الفقير حياة كريمة، ومن المستحيل أيضاً أن يغطي هذا الراتب للعامل وأسرته متطلبات الحياة من غذاء ومسكن وملبس، في ظل الأسعار المستعرة.

ظروف عملهم

يكنس كل عامل من هؤلاء العمال الشوارع لمساحات كبيرة في مختلف ظروف الطقس، بالإضافة إلى تفريغ حاويات القمامة الثابتة ونقلها إلى عرباتهم، ويتم ذلك كله العمل بشكل مباشر دون وجود أو تأمين وسائل الحماية المهنية، من ملابس واقية أو أدوات صحية كالكمامات أو القفازات التي تقي هذا العامل من الاحتكاك بهذه المواد، والتي قد تحوي في الغالب على مواد سامة بفعل التخمر والتفسخ وتفاعل مواد غير متجانسة، سواء أكانت عضوية أم كيميائية، إضافة إلى المواد المنتهية الصلاحية والأواني المعدنية والحادة، مما يؤدي إلى ظهور أمراض عدة في صفوف هؤلاء العمال، مثل الحساسية الشديدة والجرب والربو وأمراض جلدية خطيرة وتسمم بالرصاص، وأمراض الكلى والعيون، وأمراض أخرى أيضاً قد تكون مجهولة، ومما يزيد الطين بلة أن هؤلاء العمال محرومون من الضمان الصحي ومن تعويض طبيعة العمل ومن الوجبة الغذائية.

وكون عملهم من الأعمال المصنفة بالخطرة يجب تسجيل هؤلاء العمال في الضمان الصحي، وأن تعمل هذه الشركات على إجراء فحوصات دورية وشاملة للعمال للكشف عن أمراض المهنة قبل حصولها، ضمن هذه الظروف يعمل عمال النظافة في القطاع الخاص، وكما ذكرنا أعلاه فهم لا يحصلون على أي حق من حقوقهم، كما أنهم غير مسجلين في التأمينات الاجتماعية وليس لديهم تأمين طبابة ولا يحصلون على حصتهم الغذائية التي من المفترض أن يأخذها كل من يعمل بهذه الأعمال التي تصنف بالخطرة وتعرض من يعمل بها للأمراض.

إضراب في السكن الجامعي

قام عمال النظافة في المدينة الجامعية بتنظيم إضراب عن العمل دام لثمانية أيام الشهر الماضي، بعد تأخر رواتبهم لأكثر من شهر، كوسيلة ضغط على المتعهد وإدارة الجامعة للحصول على رواتبهم المتأخرة بعد أن قام المتعهد بالتأخر في تسليمهم رواتبهم الشهرية، وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها التأخر في تسليم هؤلاء العمال أجورهم وتوقفت أعمال التنظيف في السكن الجامعي.

لولا هؤلاء العمال ودورهم في تنظيف مدننا وشوارعنا من القمامة لأصبحنا نعاني من تراكم القمامة في الشوارع، مثل بعض البلدان التي تعاني من هذه الأزمة، والتي تمخضت عنها تحركات شعبية، ما يوجب صون كرامة وحقوق هؤلاء العمال ومتابعة أحوالهم من قبل نقابة عمال الدولة والبلديات، حتى تستطيع مساعدتهم ورفع الغبن عنهم، فهم أمانة في أعناق النقابيين.