المهن الحرة تحت رحى الأزمة
بلا ضمانات
يواجه أصحاب المهن الحرة اليوم صعوبات جمة، فإلى جانب تردي الوضع المعيشي وهي المعاناة التي يتقاسمها معظم السوريين، فإن هؤلاء يفتقرون إلى أي ضمان يمكنهم من الإنفاق على أسرهم، فإصابات العمل والأمراض المزمنة التي قد يتعرضون لها أو ببساطة مجرد التقدم في السن، كلها تجعل منهم فريسة للفقر والعوز في ظل غياب أية ضمانات اقتصادية مستقبلية توفر لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع حيزاً من الأمان والاستقرار.
مهن جديدة
إلى جانب المهن الحرة المتجذرة في الاقتصاد السوري فإن مهناً حرة أخرى قد رأت النور وانتشرت بفعل الأزمة وما رافقها من اتساع رقعة الفقر والبطالة وغياب سياسات حكومية تهدف لإيجاد حلول فاعلة، وذكرت الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي أن أكثر من ستين مهنة جديدة قد عرفت طريقها إلى المجتمع السوري منذ مطلع الأزمة بعضها كان له انتشار محدود لكن الأزمة أفسحت له المجال لينمو ويزدهر والبعض الآخر جديد كلياً على السوريين، ومنها على سبيل المثال جمع العلب البلاستيكية والمعدنية، وتلميع الأحذية، والبيع على البسطات والعمل في ورشات الخياطة أو الحدادة.. إلخ
مشاريع صغيرة
الملفت أنه حتى قبيل الأزمة السورية كانت الصناعات المحلية التي تندرج ضمن إطار المشاريع الصغيرة والمتوسطة فريسة لرؤوس الأموال الكبيرة، إذ أنها انتشرت في الأسواق السورية وحولتها إلى محيط يلعب فيه الكبار دور الحيتان التي تبتلع الآخرين، وأتت الحرب وتداعياتها لتفاقم من حدة المشكلة فتسحق صغار الكسبة وتقدم السوق المحلي على طبق من ذهب لأصحاب رؤوس الأموال.
العام الأخطر
ويذكر تقرير صدر مؤخراً عن مركز “فيريل” في ألمانيا أن العام 2016 هو العام الأخطر على المواطن السوري من النواحي جميعها، وبخاصة الاقتصادية والاجتماعية، ويوضح التقرير أنه قبل العام 2011 شكلت الطبقة الوسطى أكثر من 60% من المجتمع السوري، وتتألف من الموظفين والأطباء والمهندسين والمعلمين والحرفيين وصغار التجار والصناعيين.. غير أنها لم تعد تشكل إلا ما نسبته 9.4% فقط من الشعب السوري في العام 2016 ، إذ خسرت سورية مئات الآلاف من أبناء الطبقة الوسطى بسبب الهجرة أو القتل أو البطالة.
كما يقدر التقرير أن نسبة السوريين الذين أصبحوا تحت خط الفقر العالمي تبلغ نحو 86.7%، موضحًا أن تكاليف المعيشة ارتفعت خلال سنوات الحرب بشكل تدريجي لتقفز في العام الأخير قفزات كبيرة إلى أن وصلت إلى نسبة 1155%، قياسًا بما كانت عليه قبل العام 2011، بالتوازي مع انخفاض القوة الشرائية للعملة السورية، إذ خسرت الليرة ما يفوق 90% من قيمتها.
الخاسر الأكبر
يذكر أنه ومنذ عام 2013 صرحت وزارة العمل بأن عمال المهن الحرة هم أكثر من فقدوا وظائفهم في ظل الأزمة، معترفة بعدم وجود أي إحصاء مسجل يمكن الجهات المعنية من متابعتهم وإيجاد حل لمشكلتهم، وأن تشغيلهم مرتبط بانتهاء الأزمة وتحسن الإيرادات الحكومية كي يتم توفير اعتمادات مناسبة لزيادة التشغيل، فهل ستشهد المرحلة المقبلة إجراءات فعلية لدعمهم أم أن هذه التصريحات ستبقى - كغيرها- مجرد حبر على ورق؟