شروط للتثبيت أم للتسريح المقونن؟!
بعد السجال الطويل الذي دار بين الحكومة والاتحاد العام لنقابات العمال حول ضرورة تثبيت العمال، أصدر رئيس الوزراء قراره المتعلق بتثبيت العمال والمتضمن أربعة شروط وهي: خضوع العامل لإختبار قبل التثبيت، موافقة الإدارة المباشرة التي يتبع لها العامل « وزير، مدير عام، مدير»، توفر شاغر، توفر إعتماد.
ليتبعه فيما بعد تعميم وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل المتضمن تحديد راتب بدء التعيين كراتب أساسي للمثبتين بموجب القرار الحالي.
انطلق بدايةً من قرار رئيس مجلس الوزراء، الذي يحمل من الاستهزاء بمصالح العمال ومطالبهم الشيء الكثير، لأنه لم يأت صراحةً بالمفيد المرتقب الذي طال انتظاره من العمال ونقاباتهم. ولأن الشروط المنصوص عليها محققة سلفاً، فمن البديهي مثلاً أن يحظى العامل في أية مؤسسة حكومية على موافقة إدارته على تثبيته «برغبة منها أو مجبرة «، مما يجعل ثاني الشروط لا معنى له.
وبالنسبة لموضوع توفر الشاغر، فالمؤسسات عندما تطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ترشيح عدد من المسجلين لديها لهذه الوظيفة أو تلك، يكون أساس ذلك الطلب وجود شاغر داخل أحد مكاتب تلك المؤسسات. كما أنه من غير المعقول استمرار تشغيل عامل بعقد تزيد مدته عن أربع أو خمس سنوات دون أن يكون هناك أية حاجة إليه طوال هذه الفترة.
الأمر ذاته ينطبق على شرط توفر الاعتماد المالي الذي يرتبط بوجود العامل وتعيينه منذ البداية، فكيف تم صرف راتبه الشهري وعلى أي أساس طوال السنوات الفائتة إن لم يكن هناك اعتماد مالي محقق؟! إلا إذا افترضنا أن العمال يعملون مجاناً بهذه المؤسسات، لملء أوقات فراغهم والإستمتاع بوقتهم، دون الرغبة في الحصول على عائد مادي.
فالشروط الأربعة إذاً بدءاً بالاختبار وإنتهاءً بتوفر الإعتماد المالي، ما هي إلا مداخل تشرع الأبواب لدخول الرشوة والمحسوبية كمقياس للتثبيت بدلاً من الكفاءة، وتعبد الطريق لابتزاز العمال والضغط عليهم واستغلالهم.
أما تعميم وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل، المتعلق بتحديد راتب بدء التعيين كراتب للمثبتين بموجب القرار الحالي. فهو يعني أن مجمل العمال المؤقتين سيحرمون من الزيادات التي أضيفت إلى رواتبهم خلال السنوات الماضية، والمتمثلة بزيادة نسبة 9 % على راتبهم الأساسي كل سنتين. مع العلم أن الكثير من العمال غير المثبتين قد مضى على عملهم خمس سنوات أو أكثر، مما يعني إقتطاع 20 % من راتبهم الحالي عند التثبيت.
وهنا نسأل وزارتنا العتيدة: ماذا سيحل بهؤلاء العمال وأسرهم إذا ما ارتأت الإدارات التي يتبعون لها بأنه لا ضرورة لتثبيتهم؟ خصوصاً وأن أعدادهم تقدر بعشرات الآلاف حسب تصريحات الوزارة وإحصاءاتها.